[ذكر بعض الأدلة على حدوث العالم ومنها دليل الإمكان]
  قد تخلفتا عن ذلك الإمكان؛ لأن الإمكان لا يكون إلا مع التمكن منها) أي: من الزيادة والنقصان والتحويل والتبديل، ونحو ذلك، (والتمكن) من ذلك (لا يكون إلا بعد صحة الفعل)؛ لأنه لو كان الفعل لا يصح وقوعه لما حكم العقل بالإمكان ولا التمكن.
  (وصحة الفعل لا تكون إلا بعد وجود الفاعل، وما كان) من الأشياء (بعد وجود غيره فلا شك في حدوثه)؛ إذ حقيقة الْمُحْدَثِ: ما سبقه عَدَمُهُ أو غيرُه كما تقدم، (ولزم حدوث ما توقف عليه) أي: على ذلك الشيء الذي هو بعد غيره، وهو صحة الفعل (من جميع ذلك) وهو وجودُ السماوات والأرض، وإمكانُ الزيادةِ والنقصانِ، والتحويلِ والتبديلِ، ونحو ذلك؛ لتوقف ذلك على صحة الفعل، وقد ثبت حدوث صحة الفعل، (ولزم تخلفهما عنه) أي: عن ذلك الإمكان (لو كانتا قديمتين) كما ذكرنا من قبل، (وهو محال) أي: تخلفهما عن الإمكان؛ ([لما بينا(١)] فثبت الثاني وهو حدوثهما).
  إلى هنا نسخة أثبتها الإمام #، وتوجد في بعض النسخ متأخرة، والنسخة الأُخرى التي هي عوض عنها قوله #: (فذلك الإمكان إمَّا قديم أو محدث، ليس الأول؛ لأن الإمكان لا يكون إلا مع التمكن) من الفعل، (والتمكن لا يكون إلَّا عند أن يصح الفعل، والفعلُ لا يصح إلا بعد وجود الفاعل ضرورةً، وما كان بعد غيره فهو محدث؛ فثبت الثاني وهو حدوثه) أي: حدوث الإمكان (ولزم حدوث لازمه) وهو السماوات والأرض وما بينهما؛ لأن ذلك لازمٌ للإمكان، والإمكانُ لازم له، وانفكاك الملازمةِ محالٌ كما سبق ذكره(٢).
(١) مثبت من الشرح الكبير.
(٢) وهذا تمام النسخة الأخرى، وهي كالأولى في المعنى. (ش ك).