[دليل الدعاوى]
  يخرجه عن كونه صفةً، كَلَوْنِ البياض والسواد والصفرة ونحوها، وكالطول والقصر - فإن جميع ذلك أعراضٌ صفاتٌ(١) للأجسام، وهي معلومة معقولة لا تُعقل الأجسام إلا عليها، وكذلك الاحتراك والسكون والاجتماع والافتراق صفات للجسم المحتركِ والساكنِ والمجتمع والمفترق، وهي معلومة مدركة بالحس لا تقوم إلا بالجسم ولا ينفك الجسم عنها، وهي غير الجسم، والمؤثر فيها الفاعل، وأما التحيُّز فهو نفس المتحيِّز، وكذلك الوجود هو نفس الموجود، كما سيجيء إن شاء الله تعالى في «فصل الصفات».
  وأما قولهم: «إن الصفات أمور زائدة على الذات لا هي الموصوف ولا غيره ولا شيء ولا لا شيء» فبطلانه لا يخفى على أهل البصائر كما سيجيء إن شاء الله تعالى في: «فصل الصفات».
  قال الإمام أحمد بن سليمان # في كتاب حقائق المعرفة: وقد أجمع المتكلمون المتقدمون والمتأخرون على أن الحركة والسكون حالتان حادثتان إلا أصحاب الأسطوان، وهم بعض أتباع بلعام(٢) فإنهم زعموا أن العالم لم يزل متحركاً بحركاتٍ لا نهاية لها، وقالوا: لو ثبت لها أول وآخر لثبت حدوث العالم.
  قال: والحجة عليهم أن كونَه متحركاً بعد أن كان ساكناً يدل على حدوث الحركة(٣)، وكونه ساكناً بعد أن كان متحركاً يدل على حدوث السكون بالمشاهدةِ والعلمِ الضروري. انتهى؛ فثبت أن الحركة والسكون مما يدرك بالمشاهدة.
  والأصواتُ كما ذكرنا أعراض، وشَبَحُهَا الذي تحل فيه المتكلمُ في الابتداء والشجرةُ التي خلق الله الكلام فيها، وبعده الهواء [الذي](٤) فطره الله سبحانه على حمل
(١) في الأصل: من صفات الأجسام.
(٢) في (ب): بلعام بن باعورا.
(٣) في الأصل: الحركات.
(٤) مثبت من (أ).