(فصل): في ذكر الإدراك في حق الله تعالى
(فصل): في ذكر الإدراك في حق الله تعالى
  قال #: (والله سميع بصير) ولا خلاف في وصفه جل وعلا بذلك وإنما وقع الخلاف في معناه، فقال (جمهور أئمتنا $ والبغدادية) من المعتزلة: (وهما) أي: سميع بصير (بمعنى عالم)، وكذلك سامع ومبصر ومدرك فإنها بمعنىً واحدٍ في حقه تعالى، أي: عالم، عَبَّرَ الله سبحانه عن علمه بالأصوات وما شابهها(١) مما يُدركه المخلوق بحاسَّة السمع - بكلمة سميع، وعن علمه بالأشخاص والهيئات وما يشاكلها(٢) مما يدركه المخلوق بحاسَّة البصر - بكلمةِ بصيرٍ؛ لَمَّا كان المخلوق لا يعقل إدراك الأصوات ونحوها إلَّا بحاسة السمع، ولا يُدرك الأشخاصَ ونحوها إلا بحاسة البصر، فأجرى الله سبحانه كلمة «سميع وبصير» على إدراكه للمسموع والمُبصر - أي: علمه بهما - على سبيل التوسع والمجاز؛ تحقيقاً لِمَا يعقله المخلوق؛ لاستحالة الإدراك الحقيقي في حقه تعالى؛ إذ لا يكون إلَّا بحاسَّة، والله يتعالى عنها.
  وقال (بعض أئمتنا $) وهو الإمام المهدي أحمد بن يحيى # (وبعض) متأخري (شيعتهم والبصرية) من المعتزلة: (بل) هما (بمعنى حي لا آفة به) فوصفه جل وعلا عندهم بأنه سميع بصير بمعنى حي لا آفة به، وقالوا: الإدراكُ أمرٌ زائدٌ على كونه تعالى عالِماً، ثم اختلفوا في المقتضي للإدراك، فَسَوَّى بعضهم(٣) في ذلك بين الخالق والمخلوق في كون هذه الصفة مقتضاةً عن كونه تعالى حيّاً.
  وبعضهم(٤) فرَّق في ذلك [بين الخالق والمخلوق(٥)] فقال: المقتضي لها في
(١) في (أ، ب): يشابهها.
(٢) في الأصل: شاكلها، وفي (أ، ب): يشاكلها.
(٣) وهم الجمهور؛ لأنهم لا يقولون: إن الإدراك معنى، بل مقتضى. من هامش (ب).
(٤) وهو أبو علي وأبو الهذيل وغيرهما؛ لأنهم يقولون: الإدراك معنى. من هامش (ب).
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).