عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الإدراك في حق الله تعالى

صفحة 169 - الجزء 1

(فصل): في ذكر الإدراك في حق الله تعالى

  قال #: (والله سميع بصير) ولا خلاف في وصفه جل وعلا بذلك وإنما وقع الخلاف في معناه، فقال (جمهور أئمتنا $ والبغدادية) من المعتزلة: (وهما) أي: سميع بصير (بمعنى عالم)، وكذلك سامع ومبصر ومدرك فإنها بمعنىً واحدٍ في حقه تعالى، أي: عالم، عَبَّرَ الله سبحانه عن علمه بالأصوات وما شابهها⁣(⁣١) مما يُدركه المخلوق بحاسَّة السمع - بكلمة سميع، وعن علمه بالأشخاص والهيئات وما يشاكلها⁣(⁣٢) مما يدركه المخلوق بحاسَّة البصر - بكلمةِ بصيرٍ؛ لَمَّا كان المخلوق لا يعقل إدراك الأصوات ونحوها إلَّا بحاسة السمع، ولا يُدرك الأشخاصَ ونحوها إلا بحاسة البصر، فأجرى الله سبحانه كلمة «سميع وبصير» على إدراكه للمسموع والمُبصر - أي: علمه بهما - على سبيل التوسع والمجاز؛ تحقيقاً لِمَا يعقله المخلوق؛ لاستحالة الإدراك الحقيقي في حقه تعالى؛ إذ لا يكون إلَّا بحاسَّة، والله يتعالى عنها.

  وقال (بعض أئمتنا $) وهو الإمام المهدي أحمد بن يحيى # (وبعض) متأخري (شيعتهم والبصرية) من المعتزلة: (بل) هما (بمعنى حي لا آفة به) فوصفه جل وعلا عندهم بأنه سميع بصير بمعنى حي لا آفة به، وقالوا: الإدراكُ أمرٌ زائدٌ على كونه تعالى عالِماً، ثم اختلفوا في المقتضي للإدراك، فَسَوَّى بعضهم⁣(⁣٣) في ذلك بين الخالق والمخلوق في كون هذه الصفة مقتضاةً عن كونه تعالى حيّاً.

  وبعضهم⁣(⁣٤) فرَّق في ذلك [بين الخالق والمخلوق⁣(⁣٥)] فقال: المقتضي لها في


(١) في (أ، ب): يشابهها.

(٢) في الأصل: شاكلها، وفي (أ، ب): يشاكلها.

(٣) وهم الجمهور؛ لأنهم لا يقولون: إن الإدراك معنى، بل مقتضى. من هامش (ب).

(٤) وهو أبو علي وأبو الهذيل وغيرهما؛ لأنهم يقولون: الإدراك معنى. من هامش (ب).

(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).