عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

فصل: [لا إله غير الله تعالى]

صفحة 209 - الجزء 1

  والفرقة الثانية: زعموا أن النور في الأزل كان خالصاً ثم امتسخ بعضه فصار ظلمةً فلما رآها النورُ كرهها وذمَّها، وقالوا: إن الشيطان متولد من تلك الظلمة التي كانت ممسوخةً من النور، وأضافوا إلى النور جميعَ الخيرِ والصلاح، وأضافوا إلى الشيطان جميع المضار والفساد.

  الفرقة الثالثة: زعموا أن النور والظلمة قديمان كلاهما، وزعموا أنه كان بينهما خلاءٌ كانا يجولان فيه ويختلطان بسببه. إلى غير ذلك من الخرافات التي لا يقبلها أهل الجنون فضلاً عن أهل العقول، وقد ذكرنا بعضها في الشرح.

  وأما النصارى فقال الإمام يحيى #: حكى نَقَلَةُ المقالات أن مذاهبهم لا تنضبط ولا تنحصر مع تناقضها، قال: وهم على ما اشتُهر عنهم أربع فرق:

  الأُولى: الملكانية، وهم أقدم فرق النصارى مذهباً، وقد قالوا بأن الله تعالى واحدٌ بالجوهرية ثلاثةٌ بالأقنومية، وأن الاتحاد لعيسى # ما كان من حيث إنه إنسان معين، بل إنما وقع الاتحاد بالإنسان الكلي.

  الثانية: اليعقوبية، وهم القائلون بأن الاتحاد إنما كان من حيث الذات حتى قالوا: إن المسيح جوهر من جوهرين وأقنوم من أقنومين: ناسوتي ولاهوتي، وإنهما امتزجا حتى صار منهما شيءٌ ثالث، كما تمتزج النار بالفحمة فيصير منهما شيء ثالث، وهو الجمرة.

  الثالثة: النسطورية، وهم القائلون بأن الاتحاد إنما كان من جهة المشيئة.

  الرابعة: الأرمنوسيَّة زعموا أن عيسى # كان عبداً لله ورسوله اصطفاه، ولكنه اتخذه ابناً له على سبيل التشريف والتكريم.

  قال: واشتهر على ألسنة المتكلمين أن النصارى يقولون: إن الله واحدٌ بالجوهرية ثلاثةٌ بالأقنومية.

  فأما وصفهم اللهِ تعالى بالجوهرية فالخلاف فيه معهم ليس إلا من جهة اللفظ؛ لأنهم متفقون على أن الله تعالى ليس بمتحيز، وأنه تعالى منزه عن المكان والجهة،