عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

فرع:

صفحة 216 - الجزء 1

  (واعلم أن العلم بأن للمصنوع صانعاً لا يستلزم معرفة كنه ذات صانعه) أي: معرفة حقيقة صانعه بالإحاطة به من جميع الوجوه، وإنما يستلزم أن له صانعاً حيّاً قادراً عليماً حكيماً، (كالآثار) المصنوعة (الموجودة في القفار) فإن العقل لا يهتدي إلى معرفة كنه ذات صانعها من كونه طويلاً أو قصيراً أو أبيض أو أسود أو نحوَ ذلك، وإنما يَحْكُمُ العقل بأن لها صانعاً حياً قادراً عالماً حكيماً؛ فثبت بذلك أن الله سبحانه وتعالى لم يكلف عباده من معرفته إلا ما مَرَّ، وثبت بطلانُ قولِ من زعم أنه وَقَفَ من معرفة الله سبحانه على خلاف ما ذُكِر وأنه لا يجوز أن يُثبت له تعالى من الصفات إلا ما دل عليه الفعل بنفسه أو بواسطةٍ، ككونه تعالى حيّاً عالماً، وما عداه لا دليل عليه، وما لا دليل عليه وجب نفيه.

  قال الإمام يحيى # في الشامل: وهذا القول إنما قرروه على ما حكيناه من مذهبهم من أنهم مطلعون على العلم بحقيقة ذات الله تعالى وصفاته ويعلمون منه ما⁣(⁣١) يعلمه من نفسه. قال: وهذا خطأ وهجوم على أمرٍ من غير بصيرة.

  قال: والمختار عندنا أنه لا يمتنع اختصاص الله تعالى بأوصاف غير متناهية لا نَطَّلِعُ على شيء منها. انتهى.

  قال الإمام #: قال (الإمام يحيى) بن حمزة (# وأبو الحسين البصري) من المعتزلة [(وحفص الفرد) من المجبرة (وضرار) بن عمرو⁣(⁣٢)]: (وله تعالى ماهيَّة يختص) هو تعالى (بِعِلْمِهِا) ولا نعلمها نحن.

  (قلنا: الماهيَّة: ما يُتَصَوَّرُ في الذهن)، والتصورُ لا يُعقل إلا لما يُدرك بالحواس وما يلحق بها (وقد امتُنع أن يتصوره) تعالى (الخلقُ؛ حيث لم يتمكنوا إلَّا من تصور) الجسم أو العَرَض، وهما من خواص (المخلوقات، اتفاقاً بيننا وبينهم)؛ في


(١) في الأصل: كما، وفي (أ، ب): ما.

(٢) في النسخ الثلاث: (وضرار) بن عمرو (وحفص الفرد) من المجبرة. وفي المتن: (وحفص الفرد وضرار).