عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

فصل: [في عدم ثبوت ذوات العالم في الأزل]

صفحة 220 - الجزء 1

  الذوات المعدومة (موجوداً في الأزل؛ لثبوت صفته الوجودية؛ لصحة تعلق العلم بها كالذات(⁣١)) سواءً، فكما أنَّ تعلق العلم بالذات يوجب ثبوتَها بزعمكم في العدم كذلك تعلق العلم بصفة الذات؛ (لعدم الفرق) بين الذات وصفتها في ذلك (وذلك معلوم البطلان عند الجميع).

  فإن قالوا: إن الله سبحانه لا يتعلق علمه بصفة ما سيكون الوجودية وإِنه لا يعلم هذه الصفة إلا من بعد وجوده.

  قلنا: هذا هو المحال، وهو أن يعلم الذات ولا يعلم صفتَها، فإنَّ من عَلِمَ الذات علم صفتَها الوجودية قطعاً؛ لأنه يستحيل تعقل الذات خاليةً عن صفتها الوجودية، كما يستحيل تعقل الصفة خاليةً عن الموصوف.

  وأيضاً، فيلزم أن يكون الله تعالى جاهلاً حيث لم يعلم صفته، أي: الوجودية.

  قال (الإمام الحسن بن علي بن داود(⁣٢)) بن الحسن بن علي بن المؤيد ($: ليس مرادهم بثبوتها) في العدم (إلا تصوُّرَهَا) للعالِمِ بها والقادِرِ عليها، أي: تخيل صورتها وتمثيلها؛ ليصح القصد إلى تلك الصورة، كَمَا أن العَمَّار لا يعمر إلا ما قد تخيَّله وتصوَّرَهُ.

  قال #: (قلت: وفيه) أي: ما ذكره الإمام الحسن بن علي # (نَظَرٌ)؛ لأنه خلاف ظواهر أقوالهم في ذلك، أو لأن هذا الحمل - وإن كان مرادَهم - غيرُ مُخَلِّصٍ لهم؛ (لأن علم الله سبحانه وتعالى) للمعلومات (ليس بتصور)؛ لأنَّ التصور: هو تخيُّل صورة الشيء وتمثيلُها في الذهن، فهو عَرَض يختص بالمحدثين والله سبحانه يتعالى عن ذلك.


(١) في الأصل: «كالذوات». و (أ، ب): كالذات.

(٢) الإمام الولي الناصر لدين الملك العلي الحسن بن علي بن داود بن الحسن بن الإمام علي بن المؤيد $، قيامه: سنة ست وثمانين وتسعمائة، ولم يزل هادياً للخلق ناصراً للحق إلى أن أسره الأتراك بجبل هِنْوم سادس عشر شهر رمضان المعظم سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة، ومكث في اليمن سنة، ثم وجههوه وأولاد المطهر بن الإمام يحيى شرف الدين إلى السلطنة، ولهذا الإمام كرامات عديدة، ولم يزل في الحبس إلى أن قبضه الله سنة ست وعشرين وألف. (التحف باختصار).