عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [والقدرة غير موجبة للمقدور]

صفحة 294 - الجزء 1

  واعلم أنه تصح التوبة من المتولد بعد وجود سببه، وإذا صحت وجبت؛ لأنها من الواجبات المضيّقة.

  وقال عبَّاد: لا تصح إلَّا بعد وقوعه.

  قلنا: ما وُجِدَ سببه كالواقع؛ إذ يخرج عن كونه مقدوراً.

  وقال (أبو علي) الجُبَّائي واسمه محمد بن عبد الوهاب: (لا متولد في أفعال الله تعالى؛ لاستلزامه الحاجة) على الله تعالى (إلى السبب) المولِّد للفعل، وتجويز الحاجة عليه تعالى محال. ويجعل حركة السفن والأشجار ونحوها مبتدأات.

  (قلنا: لا يستلزم الحاجة إلَّا حيث كان الله تعالى لا يقدر عليه إلَّا به) أي: بالسبب⁣(⁣١) المولِّد له (والله تعالى يقدر عليه) أي: المتولد (ابتداءً) من غير سبب (فهو) تعالى (فاعل مختار) قادر على تحريك الشجرة والسفينة بغير رياحٍ، كما يحركهما برياح؛ فلم⁣(⁣٢) يستلزم الحاجة.

  (و) لنا ردّاً وحجة (قوله تعالى: {اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً}) [الروم: ٤٨] فنسب الإثارة إلى الرياح؛ لكونها سبباً، وقوله تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ}⁣[الشورى: ٣٣]، وغير ذلك.

  واعلم أن السبب والمسبَّب قد يتفقان في الحسن والقبح، وقد يختلفان، ولا يلزم اتفاقهما في ذلك إلا إذا اشتركا في القصد، بأن يقصد بفعل السبب فعل الْمُسَبَّب.

(فصل): [والقدرة غير موجبة للمقدور]

  قالت (العدلية(⁣٣)) كافة: (والقدرة) وتسمَّى قوةً وطاقةً واستطاعةً (غير موجبة للمقدور)؛ لأن الله خلقها للعبد كالآلة للفعل ولا تأثير لها في وجود الفعل البتة، فيصح أن توجد القدرة ولا يوجد الفعل، كما توجد الآلة ولا يوجد الفعل؛ لأن وجود الفعل بالفاعل، (خلافاً للمجبرة) الذين أثبتوا للعبد قدرة كالنجارية


(١) في (أ): «السبب».

(٢) في (ب): «فلا».

(٣) هم من اعتقد تنزيه الله تعالى عن فعل القبيح وأن أفعاله كلها حسنة. (تمت أخذاً من قصد السبيل).