عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[إثبات الإرادة للعبد ومعناها]

صفحة 312 - الجزء 1

  فنسب الإرادة إلى الشيطان.

  (وهي) أي: الإرادة (من العباد: توطين النفس على الفعل) أي: تشوُّق النفس وميلها إليه والعزم على فعله. ولأفعالِ غيرهم تشوُّق النفس وميلها إليه، وأما في المكره: فهي العزم على الفعل فقط، (أو) توطين النفس على (الترك)، وهذا حيث تعلقت الإرادة بالنفي، وأمَّا إن جعلنا الترك فعلاً فلا يحتاج إلى قوله: «أو الترك»، والله أعلم.

  واعلم أن العزم على الفعل تقع المؤاخذة عليه، واختلف العلماء هل يكون هذا العزم مشاركاً لمعزومه أو لا؟ - فقال بعضهم: يكون مشاركاً للفعل على الإطلاق في كونه كفراً أو فسقاً؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ}⁣[البقرة: ٢٨٤]. وذهب بعضهم إلى أنه غير مشارك بكل حال.

  وقال بعضهم: إنَّ الله سبحانه وتعالى يتجاوز عن هذه العزومات والإرادات؛ لِما رُوي عنه ÷ أنه قال: «تجاوز الله عن أُمتي ما لم تقل أو تفعل»⁣(⁣١)، ونحوه.

  وقال بعضهم: إن كان العزم مشاركاً للفعل المعزوم عليه فحكمه حكمه في الكفر والفسق، وإن كان غيرَ مشاركٍ للمعزوم عليه لم يكن لاحقاً به، فإنَّ العزم على شرب المسكر ليس فسقاً؛ لَمَّا لم يكن مشاركاً له، والعزم على الاستخفاف بالله سبحانه أو بأنبيائه يكون كفراً؛ لَمَّا كان مشاركاً له في الوجه الذي صار به


(١) روى نحوه الإمام الهادي # في الأحكام، وروى نحوه محمد بن منصور المرادي في أمالي أحمد بن عيسى #، وروى نحوه الإمام المهدي # في البحر. وروى نحوه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة، والنسائي في سننه، والدارقطني في سننه، والبيهقي في سننه، والبغوي في شرح السنة، والحميدي في الجمع بين الصحيحين، وابو نعيم في الحلية وصححه، وإسحاق بن راهويه في مسنده، والخطيب في تاريخ بغداد عن عائشة، والملا في المرقاة، ومسلم في صحيحه، وقال السيوطي في الدر المنثور: وأخرج سفيان والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ÷: «إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم به».