عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[معاني الطبع والختم]

صفحة 331 - الجزء 1

  العلامة (إن كانت للحفظة $ فأعمال الكفار) والفُسَّاق (أوضح منها، مع أنهم) أي: الملائكة $ (لا يرون ما واراه اللِّباس من العورة، كما ورد) عن النبيء ÷: «أنهم يصرفون أبصارهم عند قضاء الحاجة»⁣(⁣١)، أي: عند البول والغائط، وإذا كان كذلك (فبالأحرى أنهم لا يرون القلب)، فكيف يرون النقطة السوداء أو البيضاء؟! (وإن كانت) العلامة (لغير ذلك فـ) ـالمعلوم أن (الله غني عنها؛ لأنه عالم الغيب والشهادة لا يعزب عنه شيء). وأما ما رُوي عن علي # فعلى طريق التمثيل والمجاز، والله أعلم.

  إذا عرفت ذلك (فالتحقيق أنه) أي: الطبع والختم في حق الله سبحانه وتعالى مجازٌ، (عبارةٌ عن سلب الله تعالى إيَّاهم) أي: الكفار والفساق (تنوير القلب) الذي خصَّ الله به المؤمنين (الزائد على العقل الكافي) في التكليف. فأما العقل الكافي الذي تلزمهم به الحجةُ فهو لا شك معهم، بل وأكثر منه يُعلم ذلك ضرورةً في محاوراتهم ومناظراتهم وتدبير أمورهم؛ (لأن من أطاع الله تعالى نوَّر الله قلبه) وزاده هدىً ونوراً، (كما قال الله تعالى: {وَمَن يُؤْمِن بِالله يَهْدِ قَلْبَهُ}) [التغابن: ١١] أي: يزده هدىً ونوراً، (و) كما (قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُم} [محمد: ١٧]، وقال تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً} [الأنفال: ٢٩]، أي: تنويراً كما مَرَّ) ذكره في بيان معاني الهُدى. (ومن عصى الله لم يمدَّه الله سبحانه بشيء من ذلك) التنوير الزائد على العقل الكافي (ما دام مُصِرّاً على عصيانه، فشبَّه الله سبحانه سلبه إياهم ذلك التنوير بالختم والطبع) على الحقيقة، والجامعُ بين المشبَّه والمشبَّهِ به عدمُ الانتفاع بالقلوب؛ وكذلك الكلام في الختم على الأسماع والأبصار؛ لأن من سلبه الله التنوير المذكور لا ينتفع بما سمع وأبصر من البينات والهدى، فكأنه لا يسمع ولا يُبصر، ومثل هذا ذكره الهادي #.


(١) في الجامع الكافي: وعن علي صلى الله عليه قال: (إن العبد إذا بدت عورته أعرض عنه الملك)، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه بلفظ: (من كشف عورته أعرض عنه الملك).