عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[معاني القضاء]

صفحة 334 - الجزء 1

  أحدهما: أن يكون من المجاز الذي يُسَمَّى الاستعارة. والثاني: أن يكون من المجاز الحكمي.

  فالأول: أنه لما متَّعهم بطول العمر وسعة الأرزاق جعلوا إنعام الله عليهم بذلك وإحسانه إليهم ذريعةً إلى اتِّباع شهواتهم وبطرهم وإيثارهم الرَّوح والترفه، ونفارهم عمَّا يلزمهم فيه من التكاليف الصعبة - فكأنه زيَّن لهم بذلك أعمالهم، وإليه أشارت الملائكة À في قولهم: {وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ} الآية [الفرقان: ١٨].

  قلت: ومثل هذا ذكر الهادي #.

  والطريق الثاني: أنَّ إمهاله الشيطان وتخليته حتى يُزيِّن لهم ملابسةٌ ظاهرةٌ للتزيين؛ فأسند إليه؛ لأن المجاز الحكمي⁣(⁣١) يُصَحِّحُهُ بعض الملابسات.

[معاني القضاء]:

  (والقضاء) في اللغة يكون لمعانٍ:

  (بمعنى الخلق) والتقدير، كما (قال تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}) [فصلت: ١٢] أي: خَلَقهن وقَدَّرهن، ومنه قول أبي ذؤيب:

  وَعَلَيْهِمَا مَسْرُوْدَتَان قَضَاهُمَا ... دَاوُدُ أو صَنع⁣(⁣٢) السَّوَابغ تُبَّعُ


= فاعليه وزجر عنه وأوعد على فعله التخليد في النار والعذاب الدائم الأليم، وهم فيسمعون الله جل ذكره يقول: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ}⁣[الأنعام ١٣٧] ويقول: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ}⁣[الأنفال ٤٨] ويعتقدون أن الشركاء والشيطان تزين لهم الباطل الذي هو فعلهم، ولم يزينوا شيئا من الحق ولا دلوا على شيء من الخير، وكان يجب عليهم أن يخصوا الله سبحانه بأنه ربما زين الخير والحق الذي أمر به ودل عليه ورغب فيه، وشكر فاعليه، ولم يزين ما ذمه وزجر عنه وأوعد عليه العذاب الدائم الأليم، حتى يكونوا قد عدلوا في الحكم وسلموا من الجور والإثم، وقالوا بما يعقله كل ذي عقل».

(١) المجاز الحكمي: هو المجاز العقلي وهو إسناد فعل أو مضاهيه إلى غير من هو له.

(٢) الأولى أن «صنع» فعل ماض، و «تبع» فاعل. تمت مجدالدين بن محمد المؤيدي. (من هامش أ).