[إيلام المكلف]
  لقولهم: إنه يمكن أن يلطف الله بكل مكلفٍ حتى يؤمن ولا يكفر، ولكن لا يجب اللُّطف على الله تعالى؛ إذ لو وجب عليه لكان جميع المكلفين مؤمنين، هكذا ذكره الحاكم.
  وقال الإمام (المهدي) أحمد بن يحيى (# وجمهور البصرية: لا يحسُن) لمجرد العوض ودفع الضرر (إلَّا مع اعتبار) المؤْلَم أو غيره، قالوا: (إذ يمكن) من الله تعالى (الابتداءُ بالعوض) ودفع الضرر على جهة التفضل (من دون ألمٍ)، فصار الألم حينئذٍ عبثاً والعبثُ قبيحٌ لا يجوز على الله تعالى.
  (قلنا: قد ثبت لنا أن الله تعالى عدل حكيم، ومن حكمته تعالى أن لا ينزل الألم) بأحد من خلقه (إلَّا لمصلحة لذلك المؤْلَم) تُربي على ضرر الألم (غير العاصي) فأما العاصي فالألمُ في حقه عقوبةٌ كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
  (وذلك) أي: إنزال الألم لمصلحة (تفضُّلٌ) من الله تعالى (عند العقلاء)، كالتكليف فإنه تحميل مشقة لمصلحةٍ للمكلَّف وهو تفضلٌ محضٌ؛ لأنه عَرْض على الخير فكذلك الألم، وذلك كافٍ في حسن الألم.
  وقال (عباد بن سليمان) الصَّيمريُّ: (و) يحسن الألم من الله تعالى (لاعتبار الغير فقط) من دون مصلحة ولا عوض.
  (قلنا: ذلك ظلم) عند العقلاء (ولا يظلم ربك أحداً).
[إيلام المكلف]:
  (و) يحسن (إيلام المكلف المؤمن) لأمور أيضاً:
  إمَّا (لاعتبار نفسه) أي: لازدياد يقينه وازدجاره عن المعصية (فقط) أي: من دون عوض ولا اعتبار لغيره؛ (إذ هو نفعٌ له كالتَّأديب) فإنه حَسَنٌ؛ لأن فيه نفعا للمؤدَّب.
  (و) إمَّا (لتحصيل سبب الثواب) وهو الصبر والرضا اللذان يستوجب بهما صاحبهما عظيمَ الأجرِ، سواء حَصَلَا أو لم يحصُلا، يؤيده: ما رواه الإمام أحمد بن