عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[1 - جناية المكلف عمدا]

صفحة 364 - الجزء 1

  وهو يريد بالرجل معاوية بن أبي سفيان - لعنه الله - فإنه سَبَّ عليّاً - كرم الله وجهه في الجنة - وأمر بسبِّه واستمر ذلك مدة طويلة نحواً من ثمانين سنة، فكان يُسبُّ على ثمانين ألف منبر، وَجُعِلَ ذلك السَّبُّ سُنَّةً.

  وإنما مَنَعَ ~ من البراءة منه مع الإكراه؛ لأن البراءة من أفعال القلوب، وهم لا يُغلبون عليها، بخلاف السَّبِّ باللسان.

  (وإن كان) المجني عليه (ذا كبيرةٍ) أي: صاحب معصية كبيرة (فلا يُزاد على إخباره) بأن المتعدِّي عليه بالجناية قد زِيْدَ في عذابه بقدر جنايته عليه، ولا ثواب للمجني عليه ولو صَبَرَ؛ لأنه لا يتقبل عمله مع عصيانه؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}⁣[المائدة: ٢٧]، ولا عوض له أيضاً؛ (لانحباط العوض بمنافاته العقاب؛ لِما مرَّ) من الأدلة على بطلان العوض في حق صاحب الكبيرة.

  قلت: لفظ الهادي # قد أثبَتُّهُ في الشرح، ومعناه ما ذكره الإمام # سواءً إلَّا أنه ساقه في جواب مَن سأله عمَّن ظلم في الدنيا من دراهم أو دنانير، والجنايةُ بالألم مثلُ ذلك.

  قال الإمام #: (ويمكن أن يجعله الله) أي: الألم أو الغم الواقع على صاحب الكبيرة (تعجيلَ بعض عقوبةٍ) في حقه (فلا يُخبر) بأنه قد زِيْدَ في عذاب من جنى عليه (كما فعل الله ببني إسرائيل حين سلَّط عليهم بُخْتَ نَصَّرَ، فقال تعالى: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاَهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً}) [الإسراء: ٥]، فإنَّ تسليط بُخْت نَصَّرَ عليهم والتخلية بينهم وبينه عقوبةٌ لهم على ما اقترفوه من قتل أنبيائهم وسائر عصيانهم، كما أخبر الله سبحانه وتعالى.

  قال في البرهان: المبعوث عليهم في المرَّة الأُولى جالوت، وقيل: بخت نصر، وفي المرة الثانية بخت نصر. وفي الكشاف قال: أُولاهما: قتل زكريا # وحبسُ إرْمِيَا