(فصل): [في ذكر الأجل]
  بالقتل:) أحدهما: (خَرْمٌ، وهو الذي يُقتل فيه) المقتول، وسُمِّيَ خرماً لأن القاتل خَرَمَ عمره، أي: قطعه بما مكَّنه الله سبحانه من القدرة(١) ولم يمنعه، بل خلَّى بينه وبينه؛ لمصلحة الابتلاء والتمكين.
  (و) الثاني: (مُسَمَّىً) أي: مُقدَّر مفروضٌ بعدم القتل، (وهو الذي لو سَلِمَ) المقتول (من القتل لعاش) مدة يعلمها الله (قطعا) أي: نعلم ذلك علماً ونقطع به قطعاً (حتى يبلغه) أي: يبلغ ذلك الأجل المسمى (ويموت فيه).
  وقال (بعض أئمتنا $) كالإمام المهدي # وغيره، (وبعض شيعتهم) كالقرشي والرصاص (والبهشمية) أتباع أبي هاشم، وأبو علي، وقاضي القضاة، وغيرهم - فهؤلاء قالوا: لا نقطع بأن المقتول لو لم يُقتل لعاش، ولكنَّا (نُجَوِّزُ ذلك) ولا نقطع به؛ لأنه يجوز من الله سبحانه في ذلك الوقت حياته وموته.
  قال الحاكم: هذا التجويز إنما هو (قبل وقوع القتل) بمعنى أنه إنما يجوَّز موتُه وحياتُه لو سَلِمَ من القتل قبل أن يقع عليه القتل (لا بعده) أي: بعد وقوع القتل فلا تجويز؛ (إذ قد حصل موته بالقتل) فنقطع حينئذٍ أنه لم يكن يُجوَّز غيرُه؛ لأن الأجل: هو وقت الموت، وهو قد مات في ذلك الوقت فقد مات في أجله.
  قال النجري: وإلى هذا أشار السيد مانكديم في شرح الأصول؛ حيث قال: ولا خلاف فيمن مات حتف أنفه أو قُتل أنه مات بأجله؛ لأن الأجل هو وقت الموت، وهما جميعاً قد ماتا وقتَ موتهما، وإنما الخلاف في المقتول لو لم يُقتل كيف كان يكون حاله في الحياة والموت. انتهى.
(١) قال الأمير الحسين # في الينابيع: في القتل ثلاثة أشياء: انتقاص البنية بالجرح وهو فعل العبد وفيه القصاص والدية والكفارة على بعض الوجوه، والثاني: خروج الروح وهو النفس المتفرقة في الأعضاء وذلك مفوض إلى الملك وقد أعطاه الله آلة يتمكن بها من إخراج ذلك من بدن الإنسان. والثالث: الموت وهو فعل الله تعالى لا يقدر عليه غيره وهو معنى من جملة المعاني كالحياة وعليه يدل قوله الله سبحانه: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ}[الملك: ٢]. انتهى.