تنبيه:
  بعدم القتل يعلمه الله سبحانه لو سَلِمَ من القتل لعاش حتى يبلغه.
  وقالت (المجبرة) والحشوية ومن وافقهم كأبي الهذيل: (لا يُجَوَّز) حياته (قبله) أي: قبل القتل (ولا بعده) أي: بعد القتل (البتَّة)، بل لو لم يقتل لمات قطعاً في الوقت الذي قُتل فيه.
  (لنا) حجة على ما ذهبنا إليه من أن القتل خَرْمٌ (قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: ١٧٩]، وهو نص صريح يفيد القطع بأن القتل خَرْمٌ) أي: قطعٌ لحياةِ المقتولِ؛ (إذ لو تُرِكَ المقتولُ خشيةَ القصاصِ) من قاتله (لعاش) ذلك المقتول (قطعاً، ولو تُرِكَ المُقتصُّ منه) وهو القاتل (لتركه القتلَ الموجبَ للقصاص لعاش قطعاً كما أخبر الله تعالى) في هذه الآية بقوله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة: ١٧٩]، أي: حياة عظيمة.
  قال الهادي # في معنى هذه الآية: والحياة التي في القصاص فهي ما يداخل الظالمين من الخوف من القصاص في قتل المظلومين فيرتدعون عن ذلك إذا علموا أنهم بمن يَقْتُلُون مقتولون؛ فتطول حياتهم إذا ارتدعوا عن فسادهم ويَنكُلُون عن قتل من به يُقتلون وبإبادته بحكم الله يُبادُون. انتهى.
  ويدل على ذلك أيضاً قوله تعالى في قصة نوح # وقومه: {وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ الله إِذَا جَاءَ لاَ يُؤَخَّرُ}[نوح: ٤]، فالمعنى: أنهم إن أطاعوه أخَّرهم إلى أجلٍ مسمَّىً، وهو أجل الموت وهو الذي لا يؤخر، وإن عصوه اخترمهم الله قبل ذلك كما أهلكهم بالإغراق، وهذا الأجل الذي يؤخر؛ لأنهم لو آمنوا لما أُغْرِقُوا، وقد بسطت من كلام الهادي وغيره من الأئمة $ في هذا الموضع في الشرح.
  (و) لنا أيضاً حجة على قولنا: (قصةُ قتلِ الخضرِ الغلامَ) الذي ذكره الله في الكتاب العزيز؛ (لأنه لو لم يقتله لعاش قطعاً حتى يُرهق أبويه) أي: يغشيهما (طغياناً وكفراً كما أخبر الله تعالى) أي: يكون سبباً في كفرهما بأن يطيعاه في