عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

تنبيه:

صفحة 378 - الجزء 1

  وذهبت المطرفية إلى أن الآجال ليست من الله إلَّا أجل من بلغ مائة وعشرين سنة فاللهُ أماته، ومن مات قبل ذلك فلم يُرِدِ اللهُ موتَهُ، وإنما ذلك بتعدِّي من تعدَّى وظلم، وبأسبابٍ وأعراض وأمراض ليست من الله ولا قصدَها ولا قصدَ موت الميت إلَّا إذا بلغ الحد الذي ذكروه، وقالوا: هو العمر الطبيعي، وقالوا: إنَّ الله سَاوَى بين الناس في ستة أشياء: في الخلق، والرزق، والموت، والحياة، والتعبُّد، والمجازاة.

  وهذا منهم خطأٌ عظيمٌ، ونكتفي في الردِّ عليهم بطرفٍ مما ذكره الإمام أحمد بن سليمان # في حقائق المعرفة: أمَّا المساواة في الخلق فليس الذكر كالأنثى، ولا الكامل كالنَّاقص، ولا الفصيح كالأعجم، ولا الصبيح كالقبيح، ولا الأبيض كالأسود، ونحو ذلك كثير، وهذا مُشَاهَدٌ لا يُنكره عاقل، والقرآن مملوءٌ من نحو قوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}⁣[البقرة: ٢٥٣].

  وأمَّا الرزق فقد رزق بعضهم أكثر من بعض، وقَلَّ ما يوجد أخوان لأبٍ وأم مُستويين في الرزق، وبعض الناس رِزْقٌ في ذاته كالولد والمملوك فإنهما رزقٌ للوالد والمالك، فكيف يستوي الرزق والمرزوق؟! وقال الله تعالى: {وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ}⁣[النحل: ٧١]، وغير ذلك [كثير]⁣(⁣١)، والمواريث رِزْقٌ بالإجماع وليست مستوية.

  وأمَّا الموت والحياة فمن الناس مَن عُمْرُهُ مائة وثلاثون وأكثر إلى ألف سنة أو أكثر، فكما كان الاختلاف في الزيادة على مائة وعشرين كذلك فيما دون المائة والعشرين. وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} إلى قوله ø: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ}⁣[غافر: ٦٧]، والأمة مُجمعة على أن النبيء ÷ مات بقضاء الله وقدره، ومات وهو ابن ثلاثٍ وستين سنة، وقال تعالى: {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ} الآية [الواقعة: ٦٠].

  وأما التعبُّد فإن الله تبارك وتعالى تَعَبَّدَ الأنبياء À بتبليغ الرسالة والقيام


(١) ساقط من (أ).