(فصل): [في ذكر الروح]
  وإن سكت عن بعض وأجاب عن بعض فهو نبيٌ؛ فبيَّن لهم القصتين وأبْهَمَ أمر الروح، وهو مُبْهَمٌ في التوراة.
  واعلم أن الروح عند القاسم والهادي والناصر والإمام الحسين بن القاسم العياني والمؤيد بالله والإمام أحمد بن سليمان وغيرهم من أئمة أهل البيت $ وغيرهم - جسم لا يعلم حقيقته إلَّا الله.
  قال الهادي # - في جواب مسائل الرازي: وقلت: وكيف يُميت الله البدن ولا يُميت الروح وكُلٌ سيموت؟ -: فأما معنى خبر الله من إحياء الروح فإن ذلك بحكمة الله وفضله وما أراد من الزيادة في كرامة المؤمنين، وأراد من الزيادة في عذاب الفاسقين، فجعل الأرواحَ حيةً باقيةً إلى يوم الدين؛ ليكون روح المؤمن بعد فناء بدنه متلذذاً بالبشارات والنعيم والسُّرور والحُبُور بما يسمع من تبشير الملائكة بالرضا والرضوان من الواحد ذي الجلال والسلطان، وما أعدَّ له من الخير العظيم والثواب الجسيم، كلُّ ذلك يتناهى إليه علمُهُ، ويصل إليه من ربه فهمُهُ، فيكون ذلك زيادةً في ثوابه، ومبتدأَ ما يُريد الله من إكرامه، حتى يكون يوم القيامة المذكورة(١)، ثم يُنفخ في الصور النفخة الأولى فيقع بهذا الروح من الموت ما يقع بغيره في ذلك اليوم؛ فيموت ويفنى كما فَنِيَ البدن أوَّلاً.
  وكذلك تدبير الله في إبقاء روح الكافر بعد هلاك بدنه؛ لِمَا في بقاء روحه عليه من الحسرة والبلاء بما يُعاين ويُوقن ويبلُغُه من أخبار الملائكة بما أعدَّ الله له من الجحيم والأغلال والسعير وشرب الحميم وما يصير إليه من العذاب الأليم، فروحه في خزي وبلاءٍ(٢) حتى يُنفخ في الصور فيحق بهذا الروح ما حقَّ بغيره من الفوت، ويواقعه ما واقع جسمه من الموت.
(١) في (ب): «المذكور».
(٢) ولفظه في الشرح الكبير: «فروحه في خزي وبلاء، وحسرات تدوم ولا تفنى، وحلول العويل به والشقاء، فيكون ذلك زيادة في عذابه وبلائه، ومقدمة لما أراد الله من إخزائه، حتى ينفخ في الصور».