[التناصف بين الظالمين والمظلومين]
  (قلنا:) ذلك واردٌ على سبيل(١) التشبيه، (شبَّه [الله] تعالى فعله لرحمته) لعباده الواسعة لكل شيء (بفعل الواجب المكتوب) الذي يُوجبه هو تعالى أو غيره على المكلف (لَمَّا كان تعالى لا يخلفه البتَّة)؛ لأنه تعالى لا يُخلف الميعاد (فعبرَّ عنه بكلمة «كتب»، كقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا}) [مريم: ٧١]، أي: وارد جهنم ({كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً}) والحتم والتَّحتُّم من صفة الواجب، شبَّه وُرُوْدَهَا بالواجب في كونه أمراً مقضياً لا محالة، (وهو) أي: ورود جهنم (غير واجب عليه تعالى اتفاقاً) بيننا وبين مخالفينا في هذه المسألة.
  واعلم أن مسألة الألطاف والمصالح من المسائل الكبار التي كثر فيها الخلاف بين المعتزلة، فمنهم: من فرَّق بين المصالح الدينية والدنياوية(٢)، وهم البصرية، فقالوا: يجب على الله [تعالى] الدينية لا الدنياوية. ومنهم: من أوجب الدنياوية كالزيادة في الأموال وغير ذلك، وهم البغدادية. ومنهم: من لم يوجب شيئاً من ذلك. ومنهم: من أوجب بعض الدينية. وقد ذكرت شيئاً من ذلك في الشرح، ومن تصفحها علم ضعفها.
  وإلى هنا انتهى الكلام في القسم الثاني من أقسام هذا الكتاب المبارك، ونشرع بمعونة الله في القسم الثالث منه.
(١) في الأصل و (ب): «طريق». وفي (أ): سبيل.
(٢) في (ب): «الدنيوية».