عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[التناصف بين الظالمين والمظلومين]

صفحة 4 - الجزء 2

  أي: منبئٌ عن الله تعالى. ومثله نذير، وقراءة نافع بالهمزة⁣(⁣١) في القرآن.

  و (هي) أي: النبوة في حقيقة الشرع: (وحيُ الله إلى أزكى البشر) وهو يُخرج الملائكة، أي: أفضل البشر وأكملهم (عقلاً) وخَلقاً وخُلُقاً، أي: الزائد على البشر في العقل والكمال وجميع الخلال المحمودة، كذكاء الفطنة وحسن الخَلْق والخُلُقِ والسخاء والشجاعة؛ فلا بُدَّ أن يكون النبيءُ أفضلهم في هذه الخلال (و) أزكاهم (طهارةً من) دَنَسِ (ارتكاب القبائح) ونحوها؛ فلا يتعمد معصيةً لله ø، ولا يدخل في حرفة دنيةٍ مُسْتَرْذَلَةٍ، (وأعلاهم) أي: أعلى البشر (مَنْصِباً) أي: أرفعهم بيتاً وأطيبهم سِنْخاً⁣(⁣٢)، (بشريعة) متعلق بقوله: «وحيُ الله»، أي: وحي الله بشريعةٍ.

  والشريعةُ: ما فرضه الشارع - وهو الله سبحانه وتعالى - وبَيَّنه من الأحكام وأدلتها على ما يأتي إن شاء الله تعالى.

  والوحي في اللغة: الإشارة والكتابة والرسالة والإلهام والكلام الخفي، وكل ما ألقيته إلى غيرك يقال: وَحَيْتُ إليه الكلام، وأوحيت، وهو أن تكلَّمه بكلام تُخفيه، وأوحى الله إلى أنبيائه: أشار إليهم. ذكر هذا في الصحاح.

  واعلم أن النبوة فضيلة وأمانة يعطيها الله سبحانه من اختاره من عباده ممن علم تعالى منه الوفاء بها والثبوت عليها من غير جبر؛ لقوله تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَاتِهِ}⁣[الأنعام: ١٢٤]، وقوله ø: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ}⁣[الحج: ٧٥]، واختصاصه تعالى بها بعض عباده كاختصاصه بعضهم بكونه ذكراً وبعضهم بكونه مَلَكَاً، ونحو ذلك.

  وقد زعم بعض أهل الزيغ [وهم المطرفية⁣(⁣٣)] أنها مكتسبة بالطاعة؛ فمن أراد


(١) في الأصل و (ب): بالهمز. وما أثبتناه من (أ).

(٢) أي: أصلًا. من هامش (أ).

(٣) مثبت من (أ).