(فصل:) [القرآن كلام الله اتفاقا]
  [(قالوا) أي(١)]: قالت المطرفية والأشعرية: (وهذا) أي: المُتْلُوُّ في المحاريب (عبارة عنه) أي: عن الذي في نفس المتكلم والملَك. وهذه روايته # والعنسي عن الأشعرية، ولعله قول بعضهم، وبعضهم يقول: هو مشترك كما سبق، والله أعلم.
  (لنا قوله تعالى:) {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ (فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ}) [التوبة ٦]، ومعلوم أن المراد به هذا المتلوُّ، (والمعنى) الذي زعمته الأشعرية والمطرفية (ليس بمسموع).
  وأيضاً فإن المعلوم من دين النبي ÷ أنه كان يدين بذلك ويقول: هو كلام الله ووحيه، والإجماع على ذلك من الصحابة والتابعين وغيرهم.
  (قالوا: ذلك) أي: الكلام المسموع (مجاز) عن الحقيقة، وهو(٢) المعنى القائم بالنفس. قالت الأشعرية: لأنه لا يُشتق اسم الفاعل إلَّا من المعنى القائم بنفس الفاعل، فيقال: «أسود» لِمَا حلَّ فيه السواد، و «أبيض» لِمَا حلَّ فيه البياض؛ فكذلك متكلم لمن حلَّ فيه الكلام.
  (قلنا:) قولكم هذا (خلاف المُجمع عليه عند أهل اللسان العربي)، فإنهم لا يُطلقون لفظ متكلم إلَّا على من أوجد الكلام وَفَعَلَهُ؛ لأنه اسم اشتقاقي لا يعقل في إطلاقه إلَّا بوجود الفعل، كالمنعم والمكرم والضارب والقاتل، فوجود الفعل أصل في معقولية الاسم المشتق، وهذا حقيقة وضع الحقيقة، (ولعدم الاحتياج إلى نصب القرينة) الدالَّة على أن المراد به خلافُ ما وُضِعَ له (عند إطلاقه على المسموع)، فصحَّ أنه كلام الله حقيقة.
  ثم نقول: ذلك المعنى الذي زعمتموه القائم بالنفس لا دليل عليه، وما لا دليل عليه وجب نفيه.
  وإن فرضنا وجوده فلا يخلو: إمَّا أن تثبت هذه التعلقات - أعني: الأمر
(١) ساقط من الأصل. وما أثبتناه من (أ، ب).
(٢) في الأصل و (ب): «وهي». وما أثبتناه من (أ).