عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [في النسخ والبداء]

صفحة 133 - الجزء 2

  أخياراً مؤمنين فإني لا أستثني إلَّا الظالمين فإنهم لا ينالهم عهدي.

  والمراد بالعهد هنا: ما يتحمله الإمام والنبي من الحق العظيم والأعباء الثقال من التكاليف.

  ووجه دلالة الآية: أن الله سبحانه اختار إبراهيم # للإمامة وجعله أهلاً لها، وكذلك من ذريته، وإذا أذن الله سبحانه بذلك فقد حكم لهم بالإمامة وخصَّهم بهذه الفضيلة دون غيرهم، والعقل قد حكم بوجوب الإمامة جملة كما سبق؛ فثبت بذلك وجوب الإمامة فيهم دون غيرهم؛ لعدم الإذن فيمن سواهم.

  (و) دليلها (من السنة ما يأتي إن شاء الله تعالى) قريباً.

  (والإجماع) أيضاً من الصحابة والتابعين وغيرهم، فإنه لما توفي نبينا محمد ÷ أجمع جميع الناس على أنه لا بُدَّ من رئيس يقوم بأمر الأمة، ولم يُنكر ذلك أحد فيقول: لا نحتاج إلى إمام، بل أطبقوا على أن الإمامة حق مطلوب محتاج إليه، وإنما وقع الاختلاف والخبط وركوب الأهواء في تعيين القائم بأمر الأُمة بعد النبي ÷.

  وعلى هذا توالت الأعصارُ بعد يوم السقيفة فإنهم كانوا يفزعون إلى الإمام ويطلبونه ويعتقدون وجوب قيامه قطعاً.

  قلت: وعندي أن هذا الإجماع دليل على أن وجوبها بالعقل مقرر كالشرع؛ لأنهم إنما أجمعوا على مقتضى ما ارتكز في عقولهم من احتياج الأمة إلى رئيس.

  ولنا أن نقرر الإجماع على وجه آخر فنقول: أمر الله تعالى بإقامة الحدود على مرتكبيها، وأجمعت الأُمة على أنه لا يتولى الحدود إلَّا الأئمة أو من يلي من جهتهم؛ فيكون الأمر بإقامة الحدود أمراً بنصب الأئمة؛ لأن ما لا يتم الواجب المطلق إلَّا به وكان مقدوراً للمكلف فهو واجب.