عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [في النسخ والبداء]

صفحة 132 - الجزء 2

  وقال (بعض أئمتنا $) وهم بعض المتأخرين منهم (والجمهور) من غيرهم: (بل) وجبت (سمعاً فقط)، قالوا: لأن ثمرتها أمور شرعية كالحدود والجُمُعات. قالوا: ولا إشكال أن الإمام لطف ومصلحة للخلق، لكن العلم بكونه لطفاً ومصلحةً إنما طريقه الشرع كالنبوَّة عندهم.

  (وقيل: لا تجب) الإمامة لا عقلاً ولا سمعاً؛ (لما سيأتي لهم [إن شاء الله تعالى⁣(⁣١)]). قال في الشامل: أهل هذا القول: أبو بكر الأصم وضرار وهشام الفوطي وبعض المرجئة وبعض الحشوية والنجدات من الخوارج.

  قال: ثم اختلف هؤلاء، فزعم الأصم أنه لا يجب نصب الأئمة في كل وقت وإنما يجب عند ظهور الظلم والتظالم بين الخلقِ؛ ليُدفع بنصب الإمام ظلم الناس.

  وأما هشام فزعم أن الأمر على عكس ذلك فقال: لا يجب نصبه عند ظهور الظلم والتظالم بين الخلق؛ لأنهم ربما قتلوه فيصير نصبه سبباً في الفتنة، فأما عند عدم الظلم وخلو الزمان عنهم فإنه يجب نصبه لإظهار شعار الإسلام وقوة شوكته.

  وأما النجدات من الخوارج وضرار بن عمرو فلم يُوجبوا نصب الإمام في حالة من الحالات. وذهب إلى مثل هذا القرشي في المنهاج.

  (قلنا) ردًّا على المخالف في وجوبها أو زعم أن العقل لا يدل على ذلك: (التظالم واقع) بين الناس قطعاً (ولا يتم دفعه إلَّا برئيس) للناس عموماً يرجعون إليه، ودفعُه من غير رئيس يؤدي إلى كثرته (ودفع التظالم واجب عقلاً فوجب) على المسلمين (إقامة رئيس) لهم (لذلك) أي: لدفع التظالم.

  (ودليلها شرعاً قوله تعالى): {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ}) أي: إبراهيم # ({وَمِنْ ذُرِّيَّتِي}) أي: واجعل - يا رب - من ذريتي أئمة بعدي ينالون من فضلها وشرفها ({قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}) [البقرة: ١٢٤] أي: ومن ذريتك أجعل أئمة مهما كانوا


(١) ساقط من النسخ الثلاث، وثابت في المتن و (ش ك).