[بيان من هو الإمام بعد رسول الله ÷ بلا فصل]
  {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ..} الآية [النساء ٥٩] كل ما يُسَمَّى شيئاً على اختلاف الماهيات) فكما جاز في الاسم العام أن يُراد به جميع الأشياء المختلفة جاز ذلك في المشترك؛ إذ لا فرق، (و) يدل على ذلك أيضاً (صحة الاستخدام) في لغة العرب، وهو مما يزيد الكلام حُسْنَاً وملاحةً.
  وحقيقته: أن يُراد بلفظٍ له معنيان أحدُهما ثم يُراد بضميره المعنى الآخر، أو يكون ضميران لشيءٍ واحدٍ ويُراد بأحدهما معنىً وبالآخر معنىً آخر، وسواءٌ كان المعنيان حقيقيين أو مجازيين أو مختلفين:
  فالأول: (نحو قول الشاعر(١):
  إذا نَزَلَ السماءُ بأرض قومٍ ... رَعَيْنَاهُ وإن كانوا غِضابا)
  فإنه (أراد بالسماء - وهو لفظ واحد -: المطر والنبات) الحاصل من المطر (معاً) وهما معنيان مختلفان وكلاهما مجاز؛ وذلك (بدليل قوله: «نزل») والنزول من صفات المطر (و) بدليل قوله: («رعيناه») والمَرْعِيُّ إنما هو النبات، فقد أراد بلفظ السماء معنيين مُختلفين مجازيين.
  والثاني: وهو أن يُراد بأحد ضميريه أحد المعنيين وبالضمير الآخر معناه الآخر كقوله(٢):
  فَسَقَى الغَضَى والسَّاكنيه وإنْ هُمُ ... شَبُّوهُ بين جوانحي وضُلوعي
  أراد بأحد ضميري الغضى وهو المجرور في الساكنيه المكان الذي فيه شجر
(١) ذكر البيت في بعض المصادر لمعاوية بن مالك بن جعفر، الملقب معود الحكماء، وذكر في بعضها لجرير بن عطية.
(٢) ذكر البيت في معاهد التنصيص على شواهد التلخيص للبحتري، وكذا في خزانة الادب وغيره، والبحتري كما في الأعلام للزركلي: الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي، أبو عبادة البحتري: شاعر كبير، يقال لشعره: «سلاسل الذهب». ولد بمنبج ٢٠٦ هـ - بين حلب والفرات -، ورحل إلى العراق، ثم عاد إلى الشام، وتوفي بمنبج ٢٨٤ هـ. له ديوان شعر - ط. (باختصار).