(فصل: في التفضيل)
  الاعتقاد، بل ذلك من أبلغ الاغتيال وأشبه الأشياء بالداء العُضال، فإن أردت مثال ذلك فاعلم أن الخوارج كانوا فرسان الخيل وعُبَّاد الليل وحملة القرآن وأحلاس الإيمان، فخالفوا عليًّا أمير المؤمنين # في مسائل يجمعها: إنكار التفضيل وجهل منزلته عند الله، فقتلهم # قَتْلَ الكلاب، وصَبَّ عليهم سوط العذاب، وكذلك غيرهم من فرق النواصب والروافض ممن نبَّه الله سبحانه على ضلاله بقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ٢ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ ٣ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً ٤}[الغاشية]، هكذا ذكره الإمام المنصور بالله # وغيره من أئمتنا $.
  وقد أشار الإمام # إلى ذكر التفضيل بألفاظٍ يسيرة، وفيها لمن نظر بنور عقله ورفض هواه بصيرة وأيُّ بصيرةٍ، فقال: قالت (العترة $ والشيعة: وأفضل الأمة بعد النبي ÷ علي كرم الله وجهه في الجنة وفاقاً للبغدادية فيه وحده).
  قال ابن أبي الحديد: اختلفت المعتزلة في التفضيل، فقال قدماء البصريين كأبي عثمان عمرو بن عبيد وأبي إسحاق إبراهيم بن سيَّار النَّظام وأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ وأبي معنٍ ثمامة بن الأشرس وأبي محمد هشام بن عمرو الفوطي وأبي يعقوب(١) بن يوسف بن عبد الله الشحام وجماعة من غيرهم: إن أبا بكر أفضل من علي #، وهؤلاء يجعلون ترتيب الأربعة في الفضل كترتيبهم في الخلافة.
  وقال البغداديون قاطبة قُدماؤُهم ومتأخروهم كأبي سهل بشر بن المعتمر وأبي موسى(٢) عيسى بن صَبِيْحٍ وأبي عبد الله جعفر بن مبشر وأبي جعفر الإسكافي وأبي الحسين الخيَّاط وأبي القاسم عبد الله بن محمود البلخي وتلامذته:
(١) أبو يعقوب يوسف بن عبدالله بن إسحاق الشحام: من الطبقة السابعة من المعتزلة من أصحاب أبي الهذيل، واليه انتهت رئاسة المعتزلة في البصرة في وقته، قال القاضي عبدالجبار: كان من أصغر غلمان أبي الهذيل وأعلمهم. عاش ثمانين سنة. (المنية والأمل باختصار).
(٢) عيسى بن صبيح كنيته أبو موسى بن المزدار، من الطبقة السابعة من المعتزلة كان ممن أجاب بشر بن المعتمر ويسمى راهب المعتزلة، وهو أستاذ الجعفرين. (المنية والأمل باختصار).