(فصل: في التفضيل)
  الثاني: مِنْ فعله كالفسق، وذلك بعيد في حق من كمُلت فيه شروط الإمامة، وعدم القيام بما يجب عليه من ثمرة الإمامة، وعدم التأثير في منابذة الظالمين والقيام بأمور الدين.
  والثالث: ما يرجع إلى فعل غيره كالأسر المأيوس. والعبرة في ذلك بإياس الرعية، والله أعلم.
(فصل: في التفضيل)
  اعلم أن التفضيل من جملة الابتلاء والامتحان يُمْتَحَنُ(١) بذلك الفاضلُ والمفضول: أما الفاضل، فهل يشكر ويعرف قدر النعمة فيتواضع ولا يتطاول أو يكفر فيتعدى طوره.
  وأما المفضول: فهل يصبر ويعترف بالفضل لأهله ويُعطي الفاضل حقه أو يتكبر ويحسده على ما أنعم [الله به(٢)] عليه من الفضل والزيادة.
  ووجه حسن ذلك: التمييز بين المُطيعين والعاصين بما يظهر عند البلوى والامتحان من أسرارهم؛ لأن الله سبحانه لا يُعَذِّب على ما يَعلم من معاصي العباد قبل ظهورها، قال الله سبحانه: {الم ١ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ ٢}[العنكبوت].
  واعلم أن الاعتقادات أُصول الأديان، والاعتقاد الصحيح أصل الدين الصحيح، والاعتقاد الفاسد أصل الدين الفاسد، فمتى صحَّ الأصل ثبت الفرع:
  وهل يستوي الممشى وما ثَمَّ منهجٌ ... وكيف يقوم الظل والعود أعوجُ
  فلا تكون الأعمال وإن كثرت وأتعبت، من طول القيام، وتكرير الصلاة والصيام، وإظهار التقشف والزهد، وإدامة التَّعبد ودرس الكتب في المدارس، وكثرة أهل المجالس والأتباع والأشياع - دليلاً على إصابة الحق ولا نافعاً مع بطلان
(١) في (أ): يمتحن الله.
(٢) في الأصل و (ب): به الله. وما أثبتناه من (أ).