(باب الهجرة)
(باب الهجرة)
  الوجه في ذكرها أن لها تَعَلُّقاً بأُصول الدين وتعلُّقاً بعلم الفروع، فتعلقها بأصول الدين من حيث إنها كلام فيما هو سببٌ في الإكفار والتفسيق في الظاهر، وهو الذي يوجد في الدار كما سنذكره [إن شاء الله تعالى]، والتكفير والتفسيق من علم الأصول.
  وتعلُّقها بالفروع من حيث إنه يجب علينا إجراء أحكام الكفر والفسق على من حكم الشرع بكفره أو فسقه، وإجراء الأحكام في ذلك من علم الفروع.
  واعلم أن الهجرة كما ذكره القاسم بن إبراهيم # أمرها عظيم كبير، وفرضها في كتاب الله تعالى مكرر كثير لا يجهله إلَّا جهول ولا يُنكره إلَّا مخذول، إلَّا أنه قد قطع ذكرها وصَغَّرَ أمرها(١) وأمحى عهودها وحلَّ عقودها تحكم الناس على الله فيها وتظاهرهم بالمخالفة لله عليها، والمقام مع الظالمين في دارهم محرمٌ حكمٌ من الله كما ترون أوَّلٌ مُقَدَّمٌ قد جرت به سنة الله قبلكم في الماضين وسار به من قد مضى قبل رسولكم من المرسلين صلى الله عليه وعليهم في الأمم الذين كانوا فيهم. فكفى بهذا في وجوب الهجرة وما حَرَّم الله من جوار الظالمين والفجرة نوراً وبرهاناً وحجةً وتبياناً ... إلى آخر كلامه #.
  (وهي لغةً) أي: في لغة العرب: (مأخوذةٌ من الهجر) الذي هو (نقيض الوصل) وهو ظاهر.
  (و) هي (شرعاً) أي: في عُرف أهل الشرع (الرحلةُ) أي: الانتقال (من دار تَظَاهَرَ أهلها بالعصيان) أي: تعاونوا، والمظاهرة المعاونة مأخوذةً من جَعَلَ الرجلً ظهره إلى ظهر رجل غيره إذا أرادا الاجتماع والمعاونة على فعل، والمراد هنا: أنهم تعاونوا أو لم ينه بعضهم بعضاً فكأنهم قد تعاونوا بالعصيان (أو)
(١) في (أ): «قدرها».