عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(باب الهجرة)

صفحة 292 - الجزء 2

  ورُوي عن زيد بن علي # في رسالته التي كتبها إلى العلماء في وقته، ومنها قوله: عباد الله، إن الظالمين قد استحلوا دماءنا فأخافونا في ديارنا، وقد اتخذوا خذلانكم حجة علينا فيما كرهوه من دعوتنا وفيما سَفَّهُوهُ من حقنا، وفيما أنكروه من فضلنا، عباد الله، فأنتم شركاؤهم⁣(⁣١) في دمائنا، وأعوانهم على ظُلمنا، فكل مالٍ لله أنفقوه، وكل جمع جمعوه، وكل سيف شحذوه، وكل عدل تركوه، وكل جور ركبوه، وكل ذمة لله أخفروها، وكل مُسلم أذلوه، وكل كتاب نبذوه، وكل حكم لله عطلوه، وكل عهد لله نقضوه - فأنتم المعاونون لهم بالسكوت عن نهيهم عن السوء.

  عباد الله، إن الأحبار والرهبان من كل أُمةٍ مسؤولون عمَّا استُحْفِظُوا عليه، فأعدوا جواباً لله سبحانه عن سؤاله. انتهى.

  وعنه ÷: «يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلَّا اسمه ولا من القرآن إلَّا رسمه، مساجدهم يومئذٍ عامرة من أبدانهم وهي خراب من الهدى، فقهاؤهم شَرُّ مَنْ تحت أديم السماء، منهم خرجت الفتنة وفيهم وقعت». رواه علي #، ذكره الحاكم في السفينة⁣(⁣٢).

  قال (أئمتنا $: ولا رخصة في ذلك) أي: لا رخصة في ترك الهجرة (إلَّا للمُحاط به) من الجوانب بحيث لا يتمكن من الهجرة، كالمأسور ونحوه، (و) إلَّا (المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلاً) فهؤلاء معذورون؛ (لقوله تعالى: {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ ...} الآية)؛ لعدم تمكُّنِهم من الهجرة، والمراد بهم الفقراء الذين لا يجدون ما يُوصلهم إلى دار الهجرة وأهل العجز الذين لا يقدرون على المشي ولا الركوب، والذي لا


(١) في الأصل و (ب): شركاء. وما أثبتناه من (أ).

(٢) رواه الإمام المهدي محمد بن المطهر بن يحيى # في عقود العقيان عن علي # موقوفاً، ورواه البيهقي في شعب الإيمان عنه # مرفوعاً والتبريزي في المشكاة وابن عدي في الكامل وممن رواه عنه # موقوفاً ابن عدي في الكامل والقرطبي في تفسيره.