عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) [في الوقوف بدار العصيان]

صفحة 296 - الجزء 2

  الأنبياء من فعل ما هو ذنب صغير فإمَّا أن يقع ذلك منه سهواً فليس بمعصيةٍ ولا ذنبٍ، أو عمداً فهو الذي نقول.

  قالوا: فإن قيل: وقع منه لترك الاستدلال؟

  قلنا: فترك الاستدلال كان عمداً أو سهواً، إن كان سهواً فلا ذنب، وإن كان عمداً فهو الذي نقول والكلام فيه كذلك، فيتسلسل وهو محال.

  قلنا: خطايا الأنبياء $ ليست بعمدٍ ولا مانع من أن تُسَمَّى معصيةً وذنباً وقد سمَّاها الله معصية وخطيئة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

  قال النجري: اتَّفقت المعتزلة على أن ذنوب الأنبياء $ ومن كان على صِفتهم في العصمة كلها صغائر، وذنوب الفساق كلها كبائر، ومن عداهم من المكلفين فإنه يجوز في معاصيهم أن تكون صغائر وأن تكون كبائر؛ إذ كون الذنب صغيراً أو كبيراً بحسب قلة الثواب والعقاب وكثرتهما.

  قالوا: ونحن لا نعلم مقاديرهما.

  قلت: وهو بناءٌ على الموازنة، وسنبطلها إن شاء الله تعالى.

  (لنا) حجةٌ على قولنا إن كل عمد كبيرة (قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن ٢٣] ولم يفصل) تعالى بين عصيانٍ وعصيانٍ في التوعد عليه بنار جهنم والخلود فيها،

  (وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}⁣[النساء ١٤] ولم يفصل) أيضاً بين عصيانٍ وعصيانٍ فاقتضى ذلك العموم في الآيتين أن كل عصيانٍ لله تعالى يقتضي الخلود في النار. وخَصَّصْنَا الخطأ والنسيان وما وقع الاضطرار إليه بما سيأتي من الأدلة على سقوط عقابها.

  (و) أيضاً (لم يغفر الله سبحانه سيئةً من غير توبةٍ إلَّا الخطايا⁣(⁣١) والنسيان


(١) في (أ، ب): الخطأ.