(فصل:) [في الوقوف بدار العصيان]
  والمضطر إليه؛ لقوله تعالى: {فلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب ٥]، وقوله تعالى مُعلماً لعباده ومرشداً: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة ٢٨٦] واستثنى تعالى المُضطر) حين عَدَّ المحرمات بقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة ٣].
  (و) من السنة: (قوله ÷: «رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان» الخبر)، تمامه: «وما استُكرهوا عليه».
  وأما ما حكي عن النظَّام أن الخطأ والنسيان غير معفوين عن الأنبياء $ لِعِظَمِ درجاتهم وكونهم مأمورين بالتحفظ والتحرز من السهو بخلاف غيرهم - فقول باطل؛ لمصادمته النص، ولأنه يُؤدي إلى تكليف ما لا يُطاق، والله يتعالى عنه.
  (فعلمنا بذلك أن الكبير ما وقع عمداً من غير اضطرار).
  فإن قالوا: بل قد ثبت أن الله تعالى يغفر بعض الذنوب المُتَعَمَّدَةِ بغير توبة، وذلك في جنب الحسنات؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[هود ١١٤]، وقوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}[النساء ٣١]، ونحو ذلك.
  فالجواب(١) - والله الموفق -: أن هذا احتجاجٌ بمحل النزاع.
  قال المرتضى # في هذه الآية: والمعنى في ذلك عندنا فهو: إن تجتنبوا العمد من أفعالكم نُكَفِّر عنكم الخطأ(٢) من أعمالكم.
  فإن قال قائل: هل الخطأ سيئة؟
  قلنا له: نعم لولا أنه سيئة ما(٣) ذكره الله سبحانه، ولا أوجب فيه ما أوجب
(١) في (أ): والجواب.
(٢) في (أ): الخطايا.
(٣) في (أ): لما.