عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) [وخطايا الأنبياء لا عمد فيها]

صفحة 302 - الجزء 2

  إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً ٧٤ إِذًا لاََذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ) ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا}⁣[الإسراء ٧٤، ٧٥]، فدلت هذه الآية أن الركون القليل من النبي ÷ إلى المشركين يحبط ثوابه ويبطله ولو كان كثيراً.

  قال في الكشاف في معناها: أي: لأذقناك عذاب الآخرة وعذاب القبر مضاعفين، وأصله: لأذقناك عذاب الحياة وعذاب الممات؛ لأن العذاب عذابان: عذاب في الممات وهو عذاب القبر، وعذاب في حياة الآخرة وهو عذاب النار، والضعف يوصف به نحو قوله تعالى: {فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ}⁣[الأعراف ٣٨] بمعنى مضاعفاً، فكان أصل الكلام: لأذقناك عذاباً ضعفاً في الحياة وعذاباً ضعفاً في الممات ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه وهو الضعف، ثم أضيفت الصفة إضافة الموصوف فقيل: ضعف الحياة وضعف الممات كما لو قيل: لأذقناك أليم الحياة وأليم الممات.

  قال: وفي ذكر الكيدودة وتقليلها مع إتباعها الوعيد الشديد بالعذاب المضاعف في الدارين دليل بيّن على أن القبيح يعظم قبحه بمقدار عظم شأن فاعله وارتفاع منزلته.

  قلت: وهذا حق، وهو عكس ما ذكره المخالف.

  (فليس ما قالوا) من أن معاصي الأنبياء المتعمدة صغائر لكثرة ثوابهم (بصحيح. و) أيضاً (لا خلاف في وقوع خطايا الأنبياء $)؛ لأن الله سبحانه قد أخبر بها وهو أصدق القائلين (فإن تعمدوها لأجل تعريفهم أنها صغائر) أي: لأجل إعلام الله سبحانه إياهم أنها صغائر (فذلك إغراءٌ) منه تعالى بفعلها (وهو) أي: الإغراء بفعلها (لا يجوز على الله تعالى)؛ لأن الإغراء بفعل القبيح كفعل القبيح.

  (وإن تعمدوها جرأةً على الله تعالى من غير مبالاةٍ) منهم (بصغرها وكبرها وحاشاهم عن ذلك ثم بينت لهم) أي: أنها صغائر معفوة (من بعد) الإقدام عليها جرأة (فذلك مُؤَدٍّ إلى التنفير عن قبول ما أتوا به) من الشرائع (وذلك)