(فصل:) [في الإيمان]
  الثامن: قول (الحنفية: بل) هو (الإقرار بالله) ورسوله وجميع الشرائع باللسان (والمعرفة بذلك) بالجَنَان (مطلقاً) أي: سواءٌ كان مما نُصَّ عليه أو أجمع عليه أوْ لا، والأعمال كلها خارجة عن الإيمان.
  التاسع: قول (الغيلانية) من مرجئة المعتزلة: (بل) هو (الإقرار) باللسان (والمعرفة) بالله بالجَنَان و (بما جاء عن الله تعالى) من الشرائع إذا كان ذلك (مُجْمَعَاً عليه)، وأما ما اختُلف فيه فليس من الإيمان.
  وهذا القول قريب من قول محمد بن شبيب إلَّا أنه زاد معرفة ما نُصَّ عليه.
  والفرق بين قول الحنفية وقول ابن شبيب: أن الحنفية يُعَمِّمُون المعرفة بجميع الشرائع سواءٌ كان مُستنبطاً أو منصوصاً.
  والأعمال كلها على هذه الأقوال خارجة عن الإيمان؛ فيلزمهم أن يكون من أقَرَّ بلسانه وعرف بقلبه وعاند بالتكبر والحسد وقتل الأنبياء مؤمناً.
  العاشر: قول (النجدات) من الخوارج: (بل) هو (الإقرار بالله تعالى) وملائكته (وكتبه ورسله وترك الفعل المُحَّرم عقلاً) ومن أخلَّ بشيءٍ من ذلك كفر، فأما ما ليس في العقل تحريمه من الأمور الشرعية فليس من الإيمان، وهذا القول باطل من وجهين:
  أحدهما: إخراج الشرعيات عن الإيمان.
  وثانيهما: قولهم: ومن خالف شيئاً من ذلك كفر؛ إذ من المعاصي ما لا كفر فيه، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
  (لنا) حجة على قولنا: (قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ٣ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}) [الأنفال ٢ - ٤]، فأخبر الله سبحانه أنه لا بُدَّ في حقيقة الإيمان من العمل، وأنه لا يُسَمَّى مؤمناً من لم يضم العمل إلى التصديق والمعرفة بالجَنَان والإقرار باللسان بقوله: