(فصل:) [ويصير المكلف كافرا بخصلة واحدة من خصال الكفر]
  وقال (بعض الخوارج: بل) يصير المكلف كافراً (بارتكاب أي كبيرةٍ) أي: بفعل أي معصية مُتعمداً؛ لأنه لا صغيرة عندهم، وهذا قول الفضلية والبكرية من الخوارج.
  وقالت الأزارقة والصفرية من الخوارج: بل ما ورد فيه وعيد فكفر، وهو بناءٌ على أنَّ مِنَ المعاصي ما لا وعيد فيه. هكذا ذكره الإمام المهدي # عنهم.
  وقال الحسن (البصري: يصير) المُكلف (بارتكاب أي كبيرة) من المعاصي (منافقاً) وإيمانه غير خالص، واحتج بوجهين:
  أحدهما: أن الفاسق لو كان يقطع بصدق الوعد والوعيد والجنة والنار لما ارتكب الكبيرة المُوجبة للهلاك، وهذا مثل قول زيد بن علي والقاسم والناصر $، وإن اختلف التعليل.
  وثانيهما: قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[التوبة ٦٧] في سورة براءة.
  قال في الغايات: وكان عمرو بن عبيد يذهب إلى مثل مقالة الحسن في الفاسق حتى راجعه واصل فرجع إلى مذهب واصل، والقصة مشهورة.
  (لنا) حجة على أن مرتكب الكبيرة يُسَمَّى فاسقاً ولا يُسَمَّى كافراً ولا منافقاً: (فعل النبي ÷ و) كذلك (الإجماع من الأمة على إقامة الحدود على نحو السارق) والزاني (مع عدم معاملته معاملة الكفار) من القتل والسبي وانفساخ النكاح وانقطاع التوارث، فلو كان يُسَمَّى كافراً أو منافقاً كما زعم المخالف لَمَا عامله معاملة المسلمين، وذلك يقتضي أن حكمه مخالف لحكم الكافرين والمنافقين، وإذا كان كذلك امتنع أن يُطلق عليه اسم الكفر والنفاق.
  فإن قيل: إن المنافقين عهده ÷ كان حكمهم في المعاملة حكم المسلمين مع كفرهم؛ ولهذا جلد رسول الله ÷ رأس المنافقين عبدالله بن أُبَيّ في حديث الإفك وأخذ الزكاة منه، وحينئذٍ لا يتم الاحتجاج بما ذكرتم أن(١)
(١) في الأصل و (ب): من أن. وما أثبتناه من (أ).