عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) [ويصير المكلف كافرا بخصلة واحدة من خصال الكفر]

صفحة 321 - الجزء 2

  معاملة أهل الكبائر معاملة المسلمين يدل على عدم كفرهم ونفاقهم؟

  والجواب - والله الموفق -: أما عند زيد والناصر والقاسم $ ومن وافقهم فلا يَرِدُ هذا؛ لأن مرتكبي الكبائر من المنافقين عندهم، وهذا حجة لهم.

  وأما على قول من عداهم فيمكن أن يُقال: إن معاملة النبي ÷ لهم معاملة المسلمين؛ لمصلحة عَلِمَهَا وأمره الله بها، وهو تَقَوِّي الإسلام وترغيب الناس إليه؛ لأنه لو عامل من أظهر الإسلام وأبطن الكفر معاملة الكفار بالقتل والسبي ونحو ذلك - لنفر عن الإسلام كثير من الناس خشية أن لا يقبل منهم إظهار الإسلام وإن لم يبطنوا الكفر، والله أعلم.

  قلت: ويمكن أن يُجاب عن جميع ما أوردوه في هذه المسألة بأن المنافق في اللغة: اسم لمن يُظهر خلاف ما يُبطن، وذلك يَصْدُقُ على مرتكب الكبيرة؛ لأنه يَتَسَمَّى بالإيمان والتقوى ويَتَلَبَّسَ بهما، وأفعاله تُشعر بخلاف ذلك، وهذا حقيقة النفاق، ولا دليل من الشرع يدل على نقله، فهو اسمٌ عامٌ لمن أبطن الكفر أو غيره من المعاصي وَتَزَيَّا بِزِيِّ التقوى والإيمان.

  والكافر: اسم عامٌ لمن كَفَرَ نعمة المنعم بالعصيان له، سواءٌ كان ذلك العصيان هو الجحد أو غيره.

  وأمَّا معاملة النبي ÷ لأهل الكبائر معاملة المسلمين في أحكام مخصوصة فهي بمعزل عن إجراء الأسماء عليهم؛ إذ لو كانت تلك المعاملة تُوجب لهم أسماء المسلمين لوجب أن يُسَمَّوْا مؤمنين، وهو باطل.

  وأما قول علي # وقد سُئل عن الخوارج: أكُفَّارٌ هم؟ فقال: (مِنَ الكفر فَرُّوا) فمراده: أنهم فَرُّوا من عصيان الله بزعمهم مع أنهم عاصون لله قطعاً، فلا يلزم من ذلك أن لا يُسَمَّوا كفاراً، بل هم كفار نعمة، ومعاملتهم بخلاف معاملة كفار الجحود، وبين الكفرين فَرْقٌ أوْضَحَتْهُ معاملة النبي ÷ وعلي # والإجماع.

  ويدل عليه تمام الخبر أيضاً، وهو قوله #: (من الكفر فَرُّوا وفيه وقعوا).

  وأما الاحتجاج بإجماع الصحابة على أن المنافق من أبطن الكفر وأظهر