عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل:) [التوبة تكفر السيئات]

صفحة 353 - الجزء 2

  يتجدد له استحقاق الثواب في المستقبل من الزمان على طاعته الماضية حتى يصير كأنه فَعَلَهَا وقت التوبة فهي كالمستقبلة من الطاعات التي يفعلها عقيب التوبة في أنه يستحق عليها الثواب متجدداً دائماً، فيصير في المسألة ثلاثة أقوال:

  لا يعود مطلقاً، وهو قول الجمهور وأبي هاشم.

  ويعود مطلقاً، وهو قول أبي القاسم ومن معه.

  ويعود تجدد الاستحقاق، وهو قول الإمام المهدي # وابن الملاحمي.

  قال النجري: وهو الموافق للقواعد والأصول.

  قال: وهو أيضاً اللائق بالعدل، وإلَّا لزم التساوي بين من قطع عمره في عبادة الله سبحانه [وتعالى⁣(⁣١)] وطاعته ثم فعل كبيرةً وتاب عنها قبل موته، وبين من قطع عمره في عصيان الله والكفر ثم تاب قبل موته، والفرق بينهما مما لا يُشَكُّ فيه.

  وحمل عليه ابن الملاحمي كلام أبي القاسم البلخي.

  وحمل عليه الإمام المهدي # قول أبي هاشم ومن تبعه.

  قال: فإن قيل: فيلزم من تاب من معصية ثم عاد إليها أن يتجدد له استحقاق عقاب الأُولى، كما ذكرتم في الطاعة المُنحبط ثوابها أنه يتجدد له ثوابها في المستقبل.

  قلنا: لا سواءَ فإن الطاعات المُنحبط ثوابها باقية في أنفسها؛ إذ سقوط ثوابها في الماضي بالموازنة بينه وبين عقاب المعصية، وذلك لا يُصَيِّرها كالمعدومة، بخلاف سقوط المعصية بالتوبة فليس بالموازنة بل بالتوبة صارت المعصية كالمعدومة؛ لما مَرَّ أنها تحُتُّهَا حَتّاً، فبطلت تلك المعصية في الحال والمآل.

  قلت: وهذا الجواب إنما يستقيم على قول أهل الموازنة، وسيأتي إبطالها إن شاء الله تعالى، ويلزمهم أن يكون تكفير السيئات بالتوبة بالموازنة؛ إذ لا فرق.

  ثم نقول: وما دليلكم على أن ثواب الطاعة إنما حصلت كثرته بتزايد


(١) في (أ): بدل سبحانه.