عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[الجواب على من أنكر بعض ما يدرك العقل]

صفحة 77 - الجزء 1

  قلنا: يعلم العقلاءُ بضرورة عقولهم الفرقَ بين من ذبح صبيّاً أو لطمه عدواناً بغير حق ومن قتل رجلاً أو لطمه قصاصاً، وما ذاك إلا لعلمهم أنَّ لطم الصبي أو قتله متعلق للذم والعقاب قطعاً، وأن هذا التعلق هو العلة في كون الفعل قبيحاً لا غير، وأنَّ قتل الرجل أو لطمه قصاصاً غير متعلق للذم والعقاب، وإلا فما وجهُ الفرقِ والفعلُ واحدٌ مما تنفر عنه النفوس والطباع؟! فإن أنكروا هذا الفرق فلا فائدة حينئذٍ في الكلام معهم؛ لأنه إنكار للضرورة.

  (ولنا) حجة على مخالفينا في الاعتبار الخامس (عدم حكمهم) أي: العقلاء (بأيها) أي: الأربعة، وهي: المدح والثواب والذم والعقاب (في حق من استظل تحت شجرةٍ لا مالك لها أو تناول شربة من ماءٍ غير محازٍ) أي: غير مملوك - فإن العقلاء يحكمون بِبَدَائِهِ عقولهم أن ذلك ونحوَه كالانتفاع بالأحجارِ والأشجارِ غيرِ المحازة والتمشي في الأرض - مباحٌ حسنٌ؛ لأنه لا ضرر فيه حينئذٍ على أحد.

  وأما من زعم أن علوم التحسين والتقبيح نظرية وأنكر كونها ضرورية فالجواب عليهم ما ذكره الإمام يحيى⁣(⁣١) # في الشامل: أن الفرق بين ما يُعدُّ من العلوم


(١) هو الإمام المؤيد بالله أبو إدريس يحيى بن حمزة بن علي بن إبراهيم بن يوسف بن علي بن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن إدريس بن جعفر الزكي بن علي النقي بن محمد التقي الجواد بن الإمام علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن سيد العابدين علي بن الحسين السبط بن الإمام الوصي $. هذا الإمام من منن الله على أرض اليمن، وأنواره المضيئة في جبين الزمن، نفع الله بعلومه الأئمة، وأفاض من بركاته على هذه الأمة، وله الكرامات الباهرة، والدلالات الظاهرة. قيامه: بعد وفاة الإمام محمد بن المطهر سنة تسع وعشرين وسبعمائة، ومن مؤلفاته: في أصول الدين الشامل أربعة مجلدات، وله في الفقه الانتصار ثمانية عشر مجلداً، وفي المعاني والبيان الطراز ثلاثة مجلدات، وغير ذلك [في شتى الفنون]، وكان يسمي مصنفاته التعاليق تواضعاً، وهي التي اغترفت منها العلوم، وبلغت كراريسها بعدد أيامه. وفاته سنة تسع وأربعين وسبعمائة، عن اثنتين وثمانين سنة، مشهده بمدينة ذمار، وكان يسمع وقت وفاته نداء لفظه: إمام علم وهدى. (التحف باختصار).