عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر شفاعة النبي ÷

صفحة 381 - الجزء 2

  الدعاء للرسول ÷ وطالبٌ⁣(⁣١) إكرام نفسه بامتثال الأمر ليس بشافعٍ. كذا ذكره الإمام المهدي # في الغايات.

  قال: واعترض الرازي هذا الجواب بأن قال: لم تُجمع الأُمة على أن الله تعالى [لا يُريد⁣(⁣٢)] إكرام رسوله لأجل دعائنا، وإذا لم يدل دليل على منع ذلك جاز، فيلزم كوننا شافعين له ÷ والأُمة مُجمعة على منع ذلك.

  قلنا: إذا صَحَّ الإجماع على أنَّا غير شافعين له ÷، وعَلِمْنَا من اللغة أن الشفاعة تكون لجلب النفع كدفع الضرر كان ذلك دليلاً قاطعاً على أن الله سبحانه لا يريد إكرامه لأجل سؤالنا، فبطل ما ادَّعاه.

  قلت: موضوع الشفاعة في اللغة هي التفضل والجود من الشافع بسؤال منفعة أو دفع مضرة للغير، لا على جهة التَحَتُّم والوجوب، والدعاء منا للرسول ÷ قد أمرنا به وحثَّنا الشارع عليه فليس من الشفاعة في شيءٍ وإنما هو جارٍ منا مجرى الشكر والتعظيم للرسول ÷ في هدايتنا وتبليغه شريعة ربنا إلينا، وسواء كان سبباً في زيادة إكرام الرسول ÷ أوْ لا، والله أعلم.

  والدليل على أنها في اللغة لجلب المنافع كدفع المضارّ ما نعلمه بتواتر النقل عن أهل اللغة أنهم يقولون: شفع فلانٌ إلى فلانٍ لفلانٍ ليقضي دينه أو يُغني فقره أو نحو ذلك لا يُخالف أحدٌ في ذلك، بل هي في جلب المنافع أشهر، قال الشاعر:

  فذاك فتىً إن جئته لصنيعةٍ ... إلى ماله لم تأته بشفيع

  وعلى الجملة فهو معلوم ضرورة من اللغة. هكذا ذكره الإمام المهدي #.

  قال: والظاهر أنه يجوز أن يشفع النبي ÷ لغير أُمته من المؤمنين، كما [يجوز⁣(⁣٣)] أن يشفع لأُمته.


(١) في (أ): «وطلب».

(٢) في الأصل: لم يرد. وما أثبتناه من (أ، ب).

(٣) مثبت من (أ).