(فصل): في ذكر شفاعة النبي ÷
  والظاهر أيضاً أن غيره من الأنبياء À يُشَفَّعُ إذا شَفَعَ، وكذا بعض الأولياء والصالحين؛ إذ قد ورد في الآثار ما يقتضي ذلك.
  قلت: ومن ذلك ما رواه أبو الفرج في كتابه مقاتل الطالبيين بإسناده إلى أبي هريرة أنه قال: وَدِدْتُ أني مولىً لبني هاشم، فقيل له: ولم يا أبا هريرة؟ قال: لأني سمعت رسول الله ÷ يقول: «ما من رجل مسلم من بني هاشم إلا وله شفاعةٌ عند الله يوم القيامة»(١). انتهى.
  وقال (بعض المرجئة: بل شفاعة النبي ÷ لأهل الكبائر من أُمته، فيُخرجهم الله بها من النار إلى الجنة)، وبعضهم ذهب إلى أنه يشفع لأهل الكبائر قبل دخولهم النار فلا يدخلونها.
  (لنا) حجة عليهم: (قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ}) أي: مانع يدفع عنهم العذاب ({كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [يونس ٢٧] ولم يفصل) تعالى في هذا بين أهل الجحود وغيرهم.
  (وقوله تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاَ أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا}) [النساء ١٢٣] أي: ناصراً أو دافعاً لما استحق من العذاب، (وقوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر ١٨]، أي: يُجاب) إلى ما شَفَعَ فيه (كقوله تعالى: {وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان ٢٤]، أي: لا تُجِبْ) آثماً أو كفوراً.
(١) وجدت قريباً منه لأبي الفرج في الأغاني عن عمر بن عبدالعزيز عندما دخل عليه عبدالله بن الحسن الكامل # من جملة كلام وفيه: «إنه ليس أحد من بني هاشم إلا وله شفاعة»، وروى قريباً منه أيضاً أحمد بن حنبل في الفضائل عن كعب موقوفاً: «ليس أحد من أهل بيت النبي ÷ إلا كانت له شفاعة»، ورواه أبو نعيم في الحلية والآجري في الشريعة، وفي طبقات ابن سعد عن كعب موقوفاً: «ما من مؤمن من آل محمد إلا وله شفاعة يوم القيامة»، وفي الأوسط للطبراني عنه ÷: «الزموا مودتنا أهل البيت فإن من لقي الله ø وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا ... إلخ».