(فصل:) [في البعث]
  وأجاب الإمام القاسم(١) العياني # عمن سأله عن مؤمني الجن، هل يكونون في الآخرة يأكلون ويشربون ويتنعمون؟
  فقال #: اعلم أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل الأكل والشرب إلَّا لبني آدم، وما خلق الله تعالى معهم في الأرض من البهائم، فأما الملائكة والجن فلم يجعل الله لهم الأكل، وجعل لهم من الملاذ ما يتنعمون به ويُسَرُّون [به(٢)]، فإذا كان في دار الآخرة أعطى الله كل عبدٍ من النعيم ما أعطاه في دار الدنيا، [وكل ما خُلق في الآخرة من الفضل فإنه خُلق للبقاء، وكل ما خُلق في الدنيا فإنه خُلق للفناء(٣)] والجن يومئذٍ يُوْصَلُ إليهم ما فيه لذة ونعيم، مما قد جعل الله لهم فيه مقنعاً وسروراً، فاعلم ذلك. انتهى.
  (وقيل:) بل يُعاد من الحي (ما يصح أن يكون الحي حياً معها) وهي جملة في بدن الإنسان لا يعلم كمِّيتها، هي الإنسان حقيقة المستحق للمدح والذم والثواب والعقاب، ولا تُعاد كل أجزائه التي كان عليها في الدنيا، بدليل أن أحدنا يُسَمَّى إنساناً وهو مهزول، ثم يسمن، أو العكس.
  (قلنا: يلزم) من ذلك (أن يكون) الحي الْمُعاد (بلا يدين ولا رجلين؛ لأنه يصح أن يكون) الحي (حياً من دونها وقد ثبت أن الله تعالى يقول: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ ..}) الآية {وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النور ٢٤].
  وقال (أبو علي و) أبو القاسم (البلخي: بل) تُعاد (جميع الأجزاء) التي كان الحي عليها وقت الطاعة أو المعصية؛ لأنها بمجموعها هي المستحقة للثواب أو العقاب، حتى قال أبو القاسم: لو قطعت يده وهو مؤمن ثم كفر فلا بُدَّ أن يخلق الله من يده حيواناً يُدخله الجنة، وكذلك العكس.
(١) في (أ، ب): القاسم بن علي.
(٢) مثبت من (أ).
(٣) ما بين المعقوفين ثابت في (أ). وفي الأصل و (ب): «ولما في الآخرة من الفضل لأنه خلق للبقاء، وكل ما خلق في دار الدنيا للفناء». إلا أنه زاد في (ب): «فإنه خلق للفناء».