[ذكر الميزان في الآخرة ومعناه]
  (ولنا) حجة على قولنا: (قوله تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ}) [الأعراف: ٨]، فأخبر تعالى بأن الوزن يوم القيامة هو الحق أي: إقامة العدل والإنصاف لا غير (وهذا نص صريح أنه الحق).
  (و) لنا أيضاً: (قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ) لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}[الأنبياء ٤٧]، (وهذا نص صريح) أيضاً (أن الموازين هي القسط، والقسط هو العدل، وكالميزان الذي أنزله الله تعالى في الدنيا حيث قال: {وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ}) [الحديد ٢٥]، فإنه مجاز، والمراد به الحق والعدل اتّفاقاً.
  (قالوا: رُوي عن ابن عباس ¥ أنه قال في صفة الميزان:) إنه مُوكل به ملك، وإن (دون العمود كما بين المشرق والمغرب)، والعمود وسط ساعد الميزان، (وكفة الميزان كأطباق الدنيا) والكفة - بالكسر - لكل ما استدار، ويقال: كَفة - بالفتح - أيضاً.
  قالوا: وشطر الميزان نور وشطره ظلمة، وهو معلق ببعض قوائم العرش.
  وفي بعض الأخبار: فيؤتى بابن آدم فيُوضع بين كفتي الميزان، فإن ثقل ميزانه نادى منادٍ يسمعه جميع الخلائق: سَعِدَ فلانٌ سعادة لا يشقى بعدها أبداً، وإن خَفَّ ميزانه نادى منادٍ يسمعه جميع الخلائق: شقي فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبداً.
  (قلنا: لا وثوق برواية من روى هذا) الخبر (عنه) أي: عن ابن عباس؛ لأن العقل يُنكره من وجوه كثيرة.
  (وإن سُلِّم) صحته على بُعْده (فذكر العمود والكفة ترشيح) للاستعارة.
  وحقيقة الترشيح: هو ذكر ما يلائم المستعار منه، وذلك أنه استُعير لفظ الميزان للعدل والإنصاف، ثم ذكر ما يلائم المُستعار منه وهو الميزان الحقيقة، فأثبت له الكفة والعمود ترشيحاً (كقول الشاعر) وهو زهير بن أبي سلمى (يصف رجلاً شجاعاً):
  لدى أسدٍ شاك السلاح مُقَذَّفٍ ... (له لِبَدٌ أظفارُهُ لم تُقَلَّمِ)