عدة الأكياس في شرح الأساس لعقائد الاكياس،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[الكلام في خلق الجنة والنار وما يتعلق بذلك]

صفحة 414 - الجزء 2

  وقال الحسين بن القاسم العياني @: الكوثر هو الخير الكثير، وإنما قيل كوثراً من الكثرة كما يقال: غفران من المغفرة، قال: والكوثر عندنا نهر في الجنة خَصَّ الله به نبيه ÷.

[الكلام في خلق الجنة والنار وما يتعلق بذلك]

  قال (الهادي # وأبو هاشم وغيرهما) كقاضي القضاة وأكثر المعتزلة: (والجنة والنار لم يُخلقا قطعاً) أي: ما قد خُلِقَتَا قطعاً، وإنما يخلقهما الله تعالى يوم القيامة (لقوله تعالى) في وصف الجنة: ({أُكُلُهَا دَائِمٌ) وَظِلُّهَا} (ولا بُدَّ من فناء كل شيءٍ كما مَرَّ)، فلو كانتا قد خُلقتا لوجب أن يفنيا، وحينئذٍ يكون خلقهما وإفناؤهما عبثاً.

  ومثل هذا ذكر الإمام أحمد بن سليمان #، قال: لأنه لا يُعِدُّ الشيء ويَدَّخِرُهُ إلى وقت طويل إلَّا من يعجز عن إبداعه وقت الحاجة إليه، والله تعالى لا يُعجزه شيء. قال: وإذا كانت قد خُلقت لم تكن إلَّا في السماء أو في الأرض، وإذا كانت قد خلقت في السماء فكيف تُبَدَّل السماء وتبقى الجنة التي فيها وما فيها من الحور العين والولدان.

  وقال القاسم بن إبراهيم # وقد سُئل عن آدم حيث أسكنه الله الجنة ما كانت الجنة مخلوقة أو لا؟ فقال: الجنة مخلوقة في غير سماءٍ ولا أرضٍ، وقد أسكن الله آدم وزوجته الجنة وأخرجهما منها بعصيانهما. انتهى.

  [قلت: قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَأَىهُ نَزْلَةً أُخْرَى ١٣ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ١٤ عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ١٥}⁣[النجم] يدل على أنها قد خُلقت، والله أعلم]⁣(⁣١).

  وقال (أبو علي وأبو الحسين) والإمام يحيى # وغيرهم: (بل) قد (خُلِقَتَا قطعاً؛ لقوله تعالى: {أُعِدَّتْ) لِلْمُتَّقِينَ}.

  (قلنا:) معناه أُعدت (في علمه تعالى) فكأنها قد وُجِدَت لَمّا كان أمره إذا


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).