[أقسام النظر وما هو الواجب منه]
  (والمراد به) أي: بالنظر (هنا إجالةُ الخاطرِ) أي: الفكر (في شيءٍ) معلوماً كان ذلك الشيء أو مجهولاً (لتحصيل اعتقاد) أيّ اعتقادٍ كان، (ويرادفه(١)) أي: يساويه في المعنى بغير لفظه لفظُ (التفكر) والتأمل والتدبر والرَّوِيَّة (المطلوبُ به ذلك) أي: تحصيل اعتقاد، وإن لم يقصد به ذلك فليس مرادفاً للنظر، نحو أن يتفكر في غير شيءٍ، أو يتفكر في شيءٍ لا لتحصيل اعتقاد.
[أقسام النظر وما هو الواجب منه]:
  (وهو) أي: النظر (ينقسم إلى قسمين) هما: (صحيح وفاسد، فالأول) وهو الصحيح: (ما تُتُبِّعَ به أَثَرٌ) أي: فعلٌ، (نحو: التفكر في المصنوع) وهو المخلوق (ليعرف الصانع) له، وهو الله الخالق، كما قال الأعرابي: البعرة تدل على البعير، والأقدام تدل على المسير، أفسماءٌ ذات أبراجٍ، وأرض ذات فجاجٍ لا تدل(٢) على اللطيف الخبير؟!
  (والثاني) وهو النظر الفاسد: (ما كان رجماً بغيب) أي: من دون اتباع أثرٍ، (نحو التفكر في ذات الله تعالى)؛ لأنه تعالى(٣) لا يدركُ بالحواس ولا يقاس بالناس، فلا يصح تصوره، وإنما يُعلمُ سبحانه وتعالى بأفعاله ومخلوقاته وما أودع فيها من الحكم الباهرة والعجائب الجمة؛ ولهذا قال ÷: «تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله»(٤)، وقال: «تفكروا في المخلوق، ولا تفكروا في الخالق»(٥)،
(١) أي: يرادف النظر بهذا المعنى لا ببقية المعاني.
(٢) في (أ): «تدلان».
(٣) في (أ، ب): «جل وعلا».
(٤) رواه السيد حميدان # في مجموعه، وقال السيوطي في الدر المنثور، وأخرج ابن أبي الدنيا، والطبراني، وابن مردويه، والأصبهاني في الترغيب عن ابن عمر قال: قال رسول الله ÷ ... إلخ، ورواه ابن أبي حاتم في التفسير، ورواه ابن عدي في الكامل، ورواه الطبراني في الكبير والأوسط والسخاوي في المقاصد.
(٥) رواه السيد حميدان # في مجموعه، وروى قريباً منه السيوطي في الدر المنثور وعزاه إلى أبي الشيخ.