تركيب الدليل المنطقي وحدود القياس وصوره وأنواعه
  من القضايا العقلية وإما مسموع وهو المركب من القضايا اللفظية والأول القياس المعقول هو القياس حقيقة، والثاني إنما سميَ قياسًا لدلالته على الأول(١)، وأما القول الأخير الذي هو النتيجة فالمراد به القول المعقول على كلا التقديرين، والمراد بالقضايا ما فوق القضية الواحدة وكذا كل جمع مستعمل في التعريفات في هذا الفن(٢) وهو فصل تخرج به القضية البسيطة المستلزمة لعكسها بالعكس المستوي أو عكس نقيضها نحو: كل إنسان حيوان فإنها تستلزم بالعكس المستوي أن بعض الحيوان إنسان وعكس نقيضها أن كل لا حيوان لا إنسان، وقولنا: يلزمهُ: يعني به اللزوم الكلي ليخرج الاستقراء والتمثيل لأن الاستقراء هو تصفح الجزئيات لإثبات حكم كلي مثاله: أنَّا تصفحنا جزئيات الحيوان فوجدنا كلًا مِنْهُا يحرك فكه الأسفل عند المضغ فحكمنا بأن كلَّ حيوان يحرك فكهُ الأسفل عند المضغ إلا أنه لا يفيد اليقين إذ يجوز وجود جزئي لم يستقرأ ويكون حكمه مخالفًا لما استقرأ كالتمساح(٣) لا يحرك فكه الأسفل عند المضغ بل يحرك فكه الأعلى مثالنا هذا على ما قيل، وأما التمثيل فإنما هو مشاركة جزئي لآخر في علة الحكم ليثبت الحكم فيه أي في الجزئي الأول كما يقال: النبيذ مسكر فهو حرام كالخمر فإنه حرام للإسكار وهذه العلة موجودة في النبيذ فيكون حراما، فقد علمت خروجهما بعدم اللزوم الكلي الذي لا انفكاك عنه وذلك أن القول الآخر وهو النتيجة لا يلزمهما في جميع الصور لإمكان تخلفه عنهما، وقولنا: لذاته يخرج ما يلزم لا لذاته، بل بواسطة مقدمة غربية كما في قياس المساواة، وهو ما يتركب من قضيتين: متعلق محمول أُو لَا هُمَا يكون موضوعًا للآخر كقولنا: (أ) مسًاوٍ لـ (ب)، و (ب) مساوٍ لـ (ج) فإنهما يستلزمان أن (أ) مساوٍ لـ (ج)، لكن لا لذاتهما، بل بواسطة مقدمة غربية وَهِيَ أن كل مساوٍ للمساوي للشيء مساوٍ لذلك الشيء، وقولنا: قول آخر: فاعل يلزمه، وهو: النتيجة المطلوبة من القياس، وأفاد بقوله: آخر: أن النتيجة يجب أن تكون مغايرة لكل واحدة من المقدمات ومثال ذلك قولنا: العالم متغير وكل متغير حادث، ينتج أن العالم حادث فالمقدمة الصغرى هي قولنا: العالم متغير والكبرى قولنا: وكل متغير حادث، إذا عرفت هذا فاعلم أن القياس ينقسم قسمين: اقتراني
(١) القياس المعقول
(٢) أي فن المنطق
(٣) لا يحرك فكه الأسفل عند المضغ بل يحرك فكه الأعلى.