فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في التناقض وصوره

صفحة 122 - الجزء 1

  واستثناء نقيض أحدهما ينتج عين التالي لقولنا: في الأول: العدد إما زوج أو فرد لكنه زوج ينتج أنه ليس بفرد، أو لكنه فرد ينتج أنه ليس بزوج ومثال الثاني: العدد إما زوج أو فرد، لكنه ليس بفرد ينتج أنه زوج لكنه ليس بزوج ينتج أنه فرد، ولتمام الكلام فيه فَنَّ آخر، إذ المقصود التنبيه للذكي وهو قد حصل.

فَصْلٌ في التَّنَاقُضِ وَصوَرِهِ

  ١٧٠ - تناقضُ القَضِيَّتَيْنِ اعْتُبِرَا ... أو ذاك حتمًا لِاخْتِلافٍ صَدَرا

  ١٧١ - بينهما بالنَّفْيِ وَ الإثْبَاتِ ... كما ترى تفصيلهُ سَيَأْتِيْ

  اعلم أنه لما كان الدليل قد لا يقوم على صدق المطلوب ابتداءً، بل إما على إبطال بنقيض المطلوب ويلزم مِنْهُ صدقه، وإما على تحقق ملزوم صدق المطلوب، وهو ما كان المطلوب عكسه فيلزم صدقه، احتيج إلى بيان التناقض والعكس.

  واعلم أن التناقض هو اختلاف القضيتين بالنفي والإثبات بحيث يستلزم لذاته صدق كل مِنْهُما كذب الأخرى والعكس، هذا ما ذكره صاحب الكافل⁣(⁣١) وصاحب التهذيب وصاحب الغاية، وستسمع الكلام عليه، قوله: القَضِيَّتَيْنِ: خرج به اختلاف مفردين كالسماء والأرض، واختلاف مفرد وقضية فإنهم لا يسمونها تناقضا، وقوله: بالنفيِ والإثباتِ: أي بأن تكون إحداهما مثبتة والأخرى منفية، وقوله: بحيث يلزم لذاته من صدق كل مِنْهُما (أي من القضيتين) كذب الأخرى وبالعكس أي يلزم من صدق هذه القضية كذب تلك القضية ومن صدق تلك القضية كذب هذه القضية كقولنا: زيد إنسان زيد ليس بإنسان، فخرج به الاختلاف الذي لا يلزم مِنْهُ ذلك فإنه لا يتحقق التناقض حينئذ كالاختلاف الذي بين قولنا: زيد ساكن، وبين قولنا: زيد ليس بمتحرك فإن اختلافهما لا يوجب صدق إحداهما وكذب الأخرى بل هما: صادقان لأنهما وإن اختلفا بالنفي والإثبات لكن لا يستلزم ذلك الاختلاف من صدق أحدهما كذب الأخرى وَقيْدُ


(١) الكافل ١/ ٤٢، وكافل الطبري ١/ ١٢٥، والمستصفى للغزالي ١/ ٢٩٧، والمنطق لابن سيناء ١/ ١٧٧.