فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في التناقض وصوره

صفحة 123 - الجزء 1

  (لذاته) موجود في التهذيب والغاية، وحذفه ابن الحاجب في المنتهى، واحترز به ليخرج ما يكون اللزوم بواسطة لا بالذات كما في إيجاب قضية وسلب لازمها المساوي كقولنا: زيد إنسان زيد ليس بناطق فإن الاختلاف يقتضي صدق إحداهما وكذب الأخرى، لكن لا لذاته بل إما لأن قولنا: زيد ليس بناطق في قوة قولنا: زيد ليس بإنسان ولأن قولنا: زيد إنسان في قوة قولنا: زيد ناطق، قال العضد في شرح المنتهى: ولا حاجة إلى تقييد اللزوم بكونه بالذات دفعًا لورود: هذا إنسان، هذا ليس بناطق؛ لأن كذب كل مِنْهُما لا يلزم من صدق الآخر، بل من صدقه واستلزامه نقيض الآخر جميعًا، وقوله: وبالعكس: أي ويلزم من كذب كل من القضيتين صدق الأخرى وخرج بهذا القيد اختلاف الموجبة والسالبة الكليتين فإنهما قد يكذبان معًا، نحو: لا شيء من الحيوان بإنسان وكل حيوان إنسان فلا يتحقق التناقض بين الكليتين أيضًا. قال العلامة الشيرازي⁣(⁣١): ولقائل أن يقول: إن قوله: (وبالعكس) زايد لا حاجة إليه إذ هو مندرج في قوله: من صدق كُلٍّ كذب الأخرى لأن المراد من لفظة كل ولفظة الأخرى أعم من الأصل والنقيض معًا نعم لو قال: بحيث يلزم لذاته من صدق هذه القضية كذب الأخرى لاحتاج إلى ذكر قوله: وبالعكس انتهى.

  واعلم أنه لابد في تناقض القضيتين من اختلافهما في الكم أي الكلية والجزئية إذا كانتا محصورتين لأنهما لو كانتا كليتين أو جزئيتين لم تتناقضا لجواز كذب الكليتين وصدق الجزئتين في مادة يكون الموضوع أعم، كقولنا: كل حيوان إنسان ولا شيء من الحيوان بإنسان فإنهما كاذبتان، وكقولنا: بعض الحيوان إنسان وبعض الحيوان ليس بإنسان فإنهما صادقتان ولابد أيضًا من اختلافهما في الكيف وهو الإيجاب والسلب فإنهما لو لم يختلفا بالإيجاب والسلب لم يتحقق التناقض أصلًا نحو: زيد إنسان زيد إنسان ولابد أيضًا من اختلافهما في الجهة إذا كانتا موجهتين لأنهما لو اتحدتا فيها لم تتناقضا لكذب الضروريتين في مادة الإمكان كقولنا: كل إنسان كاتب بالضرورة وليس كل إنسان كاتباً بالضرورة فإنهما يكذبان لأن إيجاب الكتابة لشيء من أفراد الإنسان ليس بضروري، ولا سلبها عنه، وصدق الممكنتين كقولنا: كل إنسان كاتب بالإمكان وليس كل إنسان كاتباً بالامكان ولا بد من


(١) الشيرازي: أبو إسحاق إبراهيم بن علي الفيروزأبادي أشعري ت (٤٧٦ هـ) وفيات الأعيان ١/ ٤.