فصل في السنة وأقسامها
  الاتحاد فيما عدا الثلاث وقد أشار إليها بقوله:
  ١٧٢ - وإن عرفتَ هذه الصِّفَاتِ ... لا بدَّ من معرفةِ الوِحْدَات
  ١٧٣ - وَهِيَ إِذا عرفتَهَا ثَمانُ ... وضعٌ وحَمْلٌ زَمَنٌ مَكَانُ
  ١٧٤ - شرطٌ إضافةٌ وجزءٌ كُلُّ ... وبعدَهُنَّ قوةٌ وفِعْلُ
  ١٧٥ - وقيلَ يَكْفِيْ الأوَّلانِ مِنْهُا ... ووحدةُ النسبةِ تُغْنِي عَنْهَا
  اعلم أنه وقع الخلاف بين القدماء، ومَنْ بعدَهم في الوَحَدَاتِ، فالقدماء اشترطوا ثماني وحدات التي ذكرها الناظم بمعنى اتحاد القضيتين فيها وإلَّا لم يحصل التناقض، ومثال اتحاد الموضوع: زيد قائم زيد ليس بقائم فإن اختلفا نحو: زيد قائم ليس عَمْرو بقائم لم يتناقضآ ومثال وحدة المحمول ما مر من المثال(١) فإن اختلف المحمول لم يتناقضا نحو: زيد قائم زيد ليس بقاعد، ومثال الزمان: زيد قائم زيد ليس بقائم أي هو قائم في الماضي دون المستقبل مثلًا، ومثال المكان: زيد يمشي، زيد لا يمشي أي هو ماش على الأرض مثلًا، وليس ماشياً على الفلك، ومثال الشرط: السيف قاطع، السيف ليس بقاطع أي هو قاطع بشرط الضرب به وليس بقاطع مع عدم الضرب، ومثال الإضافة: زيد أبٌ زيدٌ ليس بأبٍ: أي هو أبٌ لعمرٍو وليس أبًا لخالدٍ مثلاً، ويصح مثالاً أيضًا للشرط: أي هو أبٌ بشرط وجود الإبن وليس أباً بشرط خلو الإبن، ومثال الجزء والكل: الزنجي أسود الزنجي ليس بأسود: أي هو أسود اللون وليس بأسود الأسنان مثلًا، ومثال القوة والفعل: الماءُ مُرْوٍ، الماءُ ليس بمروٍ، أَيْ هُوَ مُرْوٍ بالفعل وليس مُرْويا بالقوة، فهذه الثماني الوحدات التي اشترطها القدماء، والمتأخرون اشترطوا وحدتين، وحدة الموضوع ووحدة المحمول وأبو نصر الفارابي اشترط وحدةً واحدةً وهي: وحدة النسبة الحكمية، وهذا هو القول الذي ينبغي أن يعتمد عليه، فإنها إذا اتحدت النسبة الحكمية وقع التناقض في القضيتين بلا شك وكيفية اختلاف الجهة أن يقال: النقيض للضرورية وَهِيَ التي يحكم فيها بضرورة النسبة ما دام ذات الموضوع، كقولنا: بالضرورة كل إنسان حيوان، هي الممكنة العامة لأن إثبات الضرورة في جانب الإيجاب، وهو مفهوم الضرورة الموجبة مناقض لسلب الضرورة عن المجانب المخالف وهو مفهوم الممكنة العامة السالبة كقولنا: لا شيء من الإنسان بحيوان
(١) زيدٌ قائمٌ زيدٌ ليس بقائم تمت مؤلف.