فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

الطرق الموصلة إلى الإجماع وأقسامها وصورها

صفحة 138 - الجزء 1

  وسنتي»⁣(⁣١) فهو من تحريف النواصب، إذ قيل: إنه «ونسبي» بالنون ثم سين ثم باء موحدة من أسفل ثم باء فوقع التصحيف بتأخير النون، مع أنه لو قيل: وسببي بباءين موحدتين من أسفل لم يبعد لأن السبب يصح تفسيره بالنسب، كما ذلك معروف وغير ذلك من الأحاديث، قوله:

  ٢٠٢ - - ثُمَّ إذا مَا اختلفَ الأُمةُ فِيْ ... قَوْلَيْنِ جَازَ ثالثٌ فاعتَرِف

  ٢٠٣ - إِنْ لم يكنْ لِلأَوَّلَينِ رَافِعَا ... فَكُنْ لما أقوله مُسْتَمِعَا

  اعلم أنه إذا اختلف كل الأمة، في مسألة أو مسألتين على قولين أو أقوال: كالمذبوح بلا تسمية قيل: يحل سواءً تركها عمدًا أو سهواً، وقيل: لا يحل مطلقًا، جاز إحداث قول ثالث، بأن يقال: مثلًا: يحرم مع العمد ويحل مع السهو عند المنصور بالله وأبي الحسين البصري والرازي وأتباعه والآمدي وابن الحاجب والشيخ الحسن والمتأخرين، لوقوعه، فإن الصحابة اختلفوا في زوج وأبوين، وزوجة وأبوين فقال ابن عباس: للأم ثلث جميع المال، مع الزوج والزوجة، وقال الباقون: للأم ثلث الباقي مِنْهُما، فأخذ ابن سيرين بقول ابن عباس في زوجة وأبوين دون زوج وأبوين، ولم ينكر عليه أحد، إذ لم ينقل، واتفاقهم على عدم التفصيل ممنوع، غايته أنهم لم يقولوا به، وعدم القول به ليس قولًا بعدمه، وقوله: إن لم يكن ... إلخ: أي إنما يجوز إحداث ثالث إذا لم يكن الثالث رافعًا لمقتضى القولين الأولين، أما إذا كان رافعًا لمعناهما فلا، مثاله: أن يطأ المشتري الجارية البكر ثم يجد بها عيبًا، فقيل: الوطء يمنع الرد، وقيل: بل يردها مع أرش النقص وهو تفاوت قيمتها بكرًا وثيبًا. فالقول بردها مجَّانًا قولٌ ثالث رافع للأولين، قوله:

  ٢٠٤ - ومثلُهُ الدليلُ والتعليلُ ... يجوزُ ثالثًا كذا التأويلُ

  أي ومثل إحداث قول ثالث، يجوز أيضًا لهم أو لغيرهم إحداث دليل وتعليل وتأويل رابع حيث لم ينص الأولان على عدمه، ولم يرفع مقتضى أدلتهم، ولا تعليلهم ولا تأويلهم، أما لو غَيَّرَ مقتضى ذلك فلا، كما تقدم، مثلاً لو علل بعضهم تحريم بيع البر بالبر متفاضلًا، بالكيل، وآخر بالطعم فجاء منْ بعدِهم منْ علَّلهُ بالاقتِيَات فإنه لا يجوز، قوله:

الطُّرُقُ الموصِلَةُ إلى الإِجْمَاعِ وَأَقْسَامُهَا وَصُوَرُهَا

  ٢٠٥ - ثُمَّ طريقُنَا إلى الإجماعِ ... يكونُ إِنْ حَقَّقْتَ بالسَّماع


(١) من وضع علماء السوء من بني أمية ليصرفوا الناس عن قرناء الكتاب، وقد ورد في بعض كتب الآل «وسنتي وعترتي».