فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

انقسام القياس باعتبار المشاركة في العلة

صفحة 145 - الجزء 1

  والفرع: وضعها في الحلال، والعلة في الأصل كونه حرامًا، وفي الفرع: كونه حلالًا، والحكم في الفرع: نقيض حكم الأصل، لأن الوزر نقيض الأَجْر، وكذلك قولهم: لما صح الوتر على الراحلة كان نفلًا - كصلاة الفجر لمَّا لَمْ تصح على الراحلة كانت فرضًا، فالأصل الصلاة والفرع الوتر وحكم الأصل كونه فرضًا غير نفل وحكم الفرع كونه نفلًا، وعِلَّةُ الأصل عدم صحته على الراحلة، وعلة الفرع صحته على الراحلة، وكذلك قولهم: لما جاز لذي الحدث الأصغر قراءة القرآن جَازَ لَهُ مسهُ قياسًا على ذي الحدث الأكبر فإنه لَمَّا لم يجز له القراءة لم يجز له المس فالأصل ذو الأكبر، والفرع ذو الأصغر، وحكم الأصل التحريم، وعِلَتهُ عدم جواز القراءة، وحكم الفرع جواز المس، وعلته جواز القراءة وقوله في أولِ القياس وفيه: بين العُلَمَا نِزَاعُ: قال: في جمع الجوامع وشرحه وهو حجة في الأمور الدنيوية اتفاقًا كالأدوية وأما غيره كالشرعية فمنعه قوم فيه عقلًا، قالوا: لأنه طريق لا يؤمن فيه الخطأ والعقل مانع من سلوك ذلك، قلنا: بمعنى أنه مرجح لتركه لا بمعنى أنه محيل له وكيف يحيله إذا ظن الصواب فيه ومنعه ابن حزم شرعًا، قال لأن النصوص تستوعب جميع الحوادث بالأسماء اللُّغَوِيَّة من غير احتياج إلى استنباط وقياس، قلنا: لا نسلم ذلك ومنع دواد غير الجلي الصادق بقياس الأولى كالضرب المقاس على التأفيف والمساوي كما يعلم مما سيأتي ومنعه أبو حنيفة في الحدود والكفارات والرخص والتقديرات، قال لأنها لا يدرك المعنى فيها وأجيب بدركه في بعضها فيجري فيه القياس كقياس النباش على السارق في وجوب القطع بجامع أخذ مال الغير بغير حق من حرز خفية، وقياس القاتل عمدًا على القاتل خطأ في وجوب الكفارة بجامع القتل بغير حق وقياس غير الحجَر عليه في جواز الاستنجاء به الذي هو رخصة بجامع الجامد الطاهر القالع وأخرج أبو حنيفة ذلك من القياس بكونه في معنى الحجَر وسماه دلالة النص وهو لا يخرج بذلك عنه وقياس نفقة الزوجة على الكفارة في تقديرها.

  قُلْتُ: والخلاف واسع في كونه دليلًا شرعيًا، فقد خالف في ذلك الإمامية والنظام والجاحظ وجماعة من معتزلة بغداد كيحيى الإسكافي وجعفر بن مُبشِّر وجعفر بن حرب⁣(⁣١) والظاهرية والقاشاني⁣(⁣٢) والنهرواني⁣(⁣٣) وأما ما حكاه الإمامية من اجماع أهل البيت فغير صحيح، كيف


(١) جعفر بن حرب: الهمداني البغدادي، معتزلي، أعلام الزركلي ٢/ ١٥٣.

(٢) أحمد بن محمد بن علي أبو الفضل القاشاني نزيل هَمذَان، ذكره ابن الشعار فقيه، حنفي، أصولي، الطبقات السنية في تراجم الحنفية للتقي المغربي ١/ ١٤٢ وفي الفصول اللؤلوية القاساني بالسين ص ٣٢٤.

(٣) النهرواني: هو أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى بن حميد بن داود النهرواني علامة أصولي أديب، توفي سنة ٣٩٠ هـ، كشف الظنون ١/ ٥٩٣.