القياس ليس في جميع الأحكام
  الله؟ قال فبسنة رسول الله ÷. قال: فإن لم تجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله ÷؟ قال: أجتهد رأيي»(١) الحديث ولأهل الحديث في إسناده مقال، فقد ضعفه الحفاظ، وغايته أنه يدل على الاجتهاد، والاجتهاد أعم من القياس والأعم لا يدل على الأخص بخصوصه، واستقصاء الحجج وما يرد عليها مبسوط في المطولات، وقد ظهر بما ذكر عدم انتهاض هذه الأدلة على المدعى وإن أكثرها ملفقة لا تدل على المطلوب والله أعلم، قوله:
  ٢٢٤ - وَأَنَّهُ يجُوْزُ في الأَسبابِ ... كما قَضَى بهِ أُولُوْ الأَلبَاب
  المراد بالأسباب أسباب الأحكام، كما ذكره صاحب المحصول(٢) وَهِيَ علل الأحكام كقياس اللواط على الزنى، بأن يقال: الزنا سبب لإيجاب الحد بجامع تحصيل الحكمة المقصودة التي هي الزجر عن ذلك الصنع، فيقاس عليه اللواط وقيل بجامع الإيلاج المحرم، ومنعه ابن الحاجب، والأظهر أن الاختلاف في الشروط كاشتراط النية في الوضوء على اشتراطها في التيمم وكذا الموانع، كقياس الأمومة على الأبوة في كونها سببًا في سقوط القصاص بجامع الولادة، وفي الرجوع في الهبة للولد الصغير، كذلك، فمن أجازه في الأسباب أجازهُ فيها، ومن لَا فلا، قوله:
القياس ليس في جميع الأحكام
  ٢٢٥ - وَأَنَّهُ عِنْدَ أُولِيْ الأَفْهَامِ ... يَكُونُ في بَعضٍ مِنَ الأَحْكَام
  اعلم أن المختار عند أئمتنا والجمهور أن القياس لا يجري في جميع الأحكام الشرعية، لا باعتبار المجموع من حيث هو مجموع، ولا باعتبار كل فرد فرد، أما الأول: فلأنها إما أن تقاس على أمور شرعيةٍ وهو خلاف الفرض وقد تقرر أنه لابد للقياس من مستند شرعي عام أو خاص، وأيًّا ما كان فهو خلاف الفرض أيضًا، وإما أن يقاس على أمور عقلية لا شرعية باعتبار وجه حسنها أو قبحها ولزم كونها عقلية لا شرعية، وأيضًا فإنا لم نجد في العقل أصلًا لوجوب الصلاة وأعداد ركعاتها وسجداتها وشروطها وأوقاتها، ولم يعلم
(١) أحمد: ٥/ ٢٣٦ رقم (٢٢١١٤)، وأبو داود: ٣/ ٢٣٠ رقم (٣٥٩٤)، والترمذي: ٣/ ٦١٦ رقم (١٣٢٧)، وابن عدي: لم أجده، والطبراني: رقم (٣٦٢)، والبيهقي: ١٠/ ١١٤ برقم (٢٠١٢٦).
(٢) محمد بن عمر بن الحسين الرازي، أعلام الزركلي ٨/ ١١٤.