فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

أركان القياس مع التمثيل لها

صفحة 149 - الجزء 1

أركان القياس مع التمثيل لها

  ولما فرغ من بيان ماهية القياس وأقسامه عقبه ببيان أركانه فقال:

  ٢٢٩ - أَرْكَانُهُ أَرْبَعَةُ تُضَمُّ ... أَصْلٌ وَفَرْعٌ عِلَّةٌ وَحُكْمُ

  فالأصل وهو المشبه به الذي هو محل الحكم، والفرع وهو المشبه الذي هو محل الحكم المراد إثباته، والحكم وهو ما دل عليه الدليل من الوجوب والتحريم ونحوهما، في الأصل المطلوب إثبات مثله بالفرع وهذا المثل هو ثمرة القياس التي يتناولها تكليف القياس، وإلا فإن ثمرة القياس وغيره من التكاليف هو رضا رب الأرباب، والعلة: وهو الوصف الجامع بين الأصل والفرع، فإذا قيل حُرِّمَتِ الخمر لإسكارها، ثم قيس عليها النبيذ فالأصل الخمر والفرع النبيذ والحكم التحريم والجامع الإسكار، قوله:

  ٢٣٠ - وَإِنْ تُرِدْ حُكْمَ شُروطِ الأَصْلِ ... فَهْيَ ثَلَاثَةٌ بِغَيْرِ فَصْل

  ٢٣١ - أ لَّا يَكُونَ حُكمُهُ مَنْسُوْخًا ... لَا زِلْتَ فِيْ عِرْفانِه رَسُوخَا

  ٢٣٢ - وَلَا يكُونُ قَطُّ مَعْدُولًا بِهِ ... عَنْ سَنَنِ القِيَاسِ عِنْدَ جَرْيِه

  ٢٣٣ - ولا يكونُ بقياسٍ ثَابتَا ... فاحفظْ شروطَ الأصلِ ضبطًا يَا فَتَى

  أشار الناظم غفر الله له: إلى شروط الأصل المذكور، وقد عرفت حقيقة الشرط سابقًا، بأنه: ما يلزم من عدمه العدم، فجعلها الناظم ثلاثة تبعًا لصاحب الكافل، وإلا فهي خمسة، الشرط الأول سلبي، وهو ألا يكون حكم الأصل منسوخًا، فإن كان حكمه منسوخًا غير ثابت لم يثبت القياس لأن تعدي الحكم من الأصل إلى الفرع، فرع ثبوته في الأصل، فإذا لم يثبت كيف يتعدى إليه؟ وذلك أن الشارع اعتبر الوصف الجامع، فإذا زال الحكم بالنسخ لم يبق الوصف الجامع معتبرًا للشارع. فإن قلت: فإن نُسخ الوجوب وبقي الندب، هل يصح القياس كما في صوم يوم عاشورا.؟ قلتُ: قد قالوا: بجوازه، فقاسوا عدم وجوب تبييت النية في صيام شهر رمضان على عدم وجوبه في صوم عاشورا حيث كان واجبا في صدر الإسلام ثم نسخ، وعللوا الصحة ببقاء شرعية صوم يوم عاشوراء وإن كان ندبًا فذلك من اختلافهما تغليظًا وتخفيفًا وقد حكى صاحب الفصول عن أئمتنا وغيرهم، جواز اختلاف الحكمين تغليظًا وتخفيفًا. قلتُ: لكن يمنعه النص وهو قوله ÷: «لَا صِيَاَمَ لِمَنْ لَمْ يُجَمِّعِ الصيام