أركان القياس مع التمثيل لها
  مِنَ الليْلِ»(١) فتأمل. والشرط الثاني: أن لا يكون حكم الأصل معدولًا به عن سنن القياس، أي عن طريقه المعهود في الشرع فلا يقاس عليه حينئذٍ وهو ثلاثة أقسام، الأول: مالا تعرف علته وقد مرت الإشارة إليه وهو المعبر عنه بالتعبد وذلك لأن الشرع الشريف قَصرَ كثيرًا من العبادات على أعداد مختلفة كالصلوات الخمس، ولكل فريضة عدد، سوى الأخرى وذلك الزكوات وغيرها، مقصورة على حدود ومقادير، وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين، وذلك مما تعبدنا به، ولا يقاس عليه لعدم ظهور علته، ولم يكلفنا الله بمعرفة علته وما أعلم ممن سُئِل عما لم يعلم فقال: الله أعلم، وأجهل من سئل عما لا يعلم فادعى أنه يعلم، ولهذا قال صاحب الكشاف: (إنها لا تعرف الحكمة في أعداد السموات والأرضين والكواكب والبروج فالسؤال عن علته محظور)(٢) وفيه قال الإمام نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم الرسي #: السؤال باللِّمِّيَّاتِ(٣) في الشرعيات زندقة، الثاني: ما لم يوجد له نظير، وقد تعرف علته كالقصر للمسافر إذ علته السفر ولا يوجد في غيره، وقد لا يعرف كالقَسَامةِ إذ لا تعرف علة تعيين الخمسين(٤)، الثالث: ما قصر حكمه على الأصل وذلك كالمختص بالنبي ÷ كتزوج تسع، وكخبر خزيمة فإنه روى أبو داود أن رسول الله ÷ جعل شهادة خزيمة بشهادة رجلين وذلك أن رسول الله ÷ ابتاع فرسًا من أعرابي فجحده المبيع، وقال: هلم شهيداً يشهدُ عليَّ: فشهد عليه خزيمة بن ثابت، دون غيره، فقال له رسول الله ÷: مَا حَمَلَكَ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَمْ تَكُنْ حَاضِرًا مَعَنَا؟ قَالَ: صَدَّقْتُكَ بمَا جِئْتَ بِهِ وَعَلِمْتُ أَنَّكَ لا تَقُولُ إِلا حَقًّا؟ فقال ÷: مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَحَسْبُهُ، وذكر أهل السير أن ذلك الفرس، هو المسمى من خيل رسول الله ÷ بالمرتجز، وكذا من خصصه النبي ÷ بحكم كأبي بردة بن نيار وزيد بن ثابت وعقبة بن عامر. وقد جمعهم العلامة عبد الرحمن الديبع في قوله:
(١) السنن الصغرى للبيهقي ٣/ ٢٢٦ رقم (١٠٣٩) والكبرى ٤/ ٢٠٢، ٢٢١ برقم (٨٢٩٣)، وأبي داود ٢/ ٣٠٤ رقم (٢٤٥٦)، والترمذي ٣/ ١٠٨ رقم (٧٣٠).
(٢) الكشاف ١/ ١٣١٦.
(٣) كالسؤال لماذا: خلق السماوات سبعًا ولماذا صلاة الفجر ركعتين، والمغرب ثلاثًا ولماذا حُدِّدَ صيام شهر رمضان بثلاثين يومًا فقط ... إلخ. والله أعلم. الفصول اللؤلؤية في باب أركان القياس وشروطها ١/ ٢٤١، ١/ ٢٥٧، ومجموع السيد الإمام حميدان بن يحيى القاسمي ١/ ٣٣٩.
(٤) كالتفاح مثلاث تمت مؤلف ص ٩٦ (خ)