فتح الوصول شرح جواهر الفصول في علم الأصول،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

فصل في القياس ماهيته وأقسامه وأركانه

صفحة 164 - الجزء 1

  وأبو داود⁣(⁣١)، فلم يرد تبيين عين الماء والتمر وإنما أراد أن ذلك علة جواز التوضي به.

  واعلم أنه لا تنافي في مسلك النص بين مراتب الصريح ومراتب الإيماء فقد يجتمعان كما في قوله ÷: وقد سئل عن بيع الرطب بالتمر «أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا: نعم. قال: فلا إذًا» فالنص في الخبر من وجوه ثلاثة الاستفهام عن الوصف وترتيب الحكم على الفاء ولفظ إذًا: كأنه قال: إذا كان الأمر كذلك حرم فلو لم يكن نقصان الرطب باليَبَسِ لأجل التعليل لانتفعت الفائدة من ذكره إذِ الجوابُ يتم من دونه، فقد اجتمع في هذا المثال النص لإذًا، والإيماء للاقتران المذكور وهذا الخبر رواه كثير من أئمتنا $ وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، قال الترمذي: حسن صحيح وصححه ابن خزيمة⁣(⁣٢) والحاكم⁣(⁣٣)، فلا يعول على ما روي عن أبي حنيفة من أنه لما أورد عليه هذا الحديث أجاب بأنه دَار على زيد بن أبي العباس وهو ممن لا يقبل حديثه؟ واستحسن أهل الحديث هذا الطعن حتى قال ابن المبارك: كيف يقال: أبو حنيفة لا يعرف الحديث وهو يقول زيد بن أبي العباس ممن لا يقبل حديثه؟، ومثال النظير وهو دون الأول؛ لأن المذكور في الأول حكم المسؤول عنه، والمذكور في هذا حكم نظيره ليثبت فيه ما يثبت في نظيره كقوله ÷ لما سألته الخثعمية: إن أبي أدركته الوفاة وعليه فريضة الحجِّ؛ أينفعه إن حججت عنه؟ فقال ÷: (أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيتيه أكان ينفعه) قالت: نعم رواه أصحابنا والستة⁣(⁣٤)، وإنما كان مثالًا للنظير، لأنها سألت عن حجها عن أبيها فذكر ÷ نظيرَه وهو قضاؤها دينه، ورتب عليه الحكم وهو النفع فكان


(١) الترمذي باب الوضوء بالنبيذ ١/ ١٤٧ رقم (٨٨) وأبو داود ١/ ٣٢ رقم (٨٤).

(٢) ابن خزيمة: محمد بن إسحاق (ت ٣١١ هـ)، أعلام الزركلي ٢/ ٣٠٥.

(٣) أخرجه مالك والشافعي وأحمد وأصحاب السنن وابن خزيمة وابن حبان والحاكم الدارقطني والبيهقي والبزار، وأعله جماعة: منهم الطحاوي والطبري وابن حزم وعبدالحق، كلهم أعلوه لجهالة زيد بن أبي عباس، ومداره عليه، وقد وثقه الدارقطني واعتمده مالك مع شدة نقده وصححه الحاكم والترمذي والمتدري تمت حاشية بقلم المؤلف.

(٤) النور الأسنى ١/ ٧٣٩، المنهج المنير تمام الروض النضير، مفتاح السعادة للسيد العجري ١/ ٢٧٧٠، البخاري ٢٧/ ٦٥٦ برقم (١٧٥٤)، مسلم ٢/ ٨٠٤ رقم (١١٤٨)، وابن ماجة ٢/ ٩٧١، والنسائي ٥/ ١٢٥ برقم (٢٦٣٨)، والبيهقي ٤/ ٣٢٩، وابو نعيم ٦/ ٣٢١ برقم (٢٠١٥)، المعجم الأوسط ١/ ٣٨/١٠٠، والدارقطني ٢/ ٢٦٠ برقم (١١٣)، الدارمي ٢/ ٦٢ برقم (١٨٣٦)، أبو يعلى ١٢/ ١٨٥) برقم (٦٨١٢)، مسند أحمد ٤/ ٥ برقم (١٦١٧٠) رقم (١٦١٢٥)، مصنف ابن أبي شيبة ٣/ ٣٨٠، رقم (١٥١٢٠)، ومصنف عبد الرزاق ٦/ ٢٢١ برقم (١٠٥٨٠).